تؤكد التطورات والصراعات الدامية التي تعيشها المنطقة أن طريق السلام المنشود يمر بالضرورة عبر المملكة العربية السعودية.
إستنتاج يؤكده الخبير والباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى هيثم حسنين في تقرير له في موقع المعهد، حيث يشير إلى أنه و بسبب التحوّلات الإقليمية الكبيرة على مدى العقود القليلة الماضية، "يبدو الآن أن أفضل طريق وأقصره لتحقيق حل الدولتين وتأسيس دولة فلسطينية يمرّ بالمملكة العربية السعودية ولم يعد يمرّ بمصر والأردن، اللتان اعتمدت عليهما واشنطن لسنوات عديدة" .
ويرجع حسنين ذلك إلى أن الاردن ومصر فقدتا مكانتهما في قيادة العالم العربي، حيث تعاني مصر من صعوبات اقتصادية شديدة وانقسامات سياسية داخلية، بينما يفتقر الأردن إلى النفوذ السياسي الإقليمي الذي يخوّلها إقناع العالم العربي بضرورة إبرام اتفاقية سلام مع إسرائيل.
ويعدد الباحث الأسباب التي تجعل تشريك السعودية في عملية السلام في المنطقة أمرا ضروريا ، حيث يؤكد بأن السعودية تتمتع بنفوذ سياسي ومالي قوي في المنطقة، مما يجعل " الانخراط المباشر من قبل المملكة الغنية بالنفط ومعقل الإسلام أن يمكّن "السلطة الفلسطينية" على أخذ المفاوضات على محمل الجد".
ويشدد حسنين على أن رفض التعلیمات السعودیة سیأتي بکلفة عالیة جداً للسلطة الفلسطینیة من حیث المساندة الشعبية والدعم المادي، فيما من شأن الدعم السعودي أن يوفر مزيداً من الشرعية الدينية والمالية والسياسية للسلطة الفلسطينية، التي كانت مترددة في اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بالنزاع بسبب خوفها من فقدان شرعيتها.
ويضيف الخبير أن ثاني الأسباب التي تشجع واشنطن على ضرورة اشراك الرياض في عملية السلام هو أن الجيل من القادة السعوديين، وعلى رأسهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إتخذ "نهجاً أكثر استباقيةً للسياسة الخارجية وأظهر إحساساً بالحاجة الملحة إلى مواجهة النفوذ والتطرف الإيرانيين في المنطقة، كما يدرك هؤلاء القادة كيف أن المحور الإيراني قد أساء للقضية الفلسطينية واستخدم دعايتها لحشد التأييد لقضيته."
ثالث الأسباب وفق الباحث هو أن انخراط السعودية المباشر في القضية الفلسطينية سيؤدي إلى تحفيز الحكومة اليمينية الإسرائيلية على تقديم المزيد من التنازلات للفلسطينيين، مضيفا بأنه وعلى خلاف الانخراط المصري والأردني، ستتيح رعاية السعوديين للمحادثات الفرصة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقناع الأعضاء اليمينيين من مؤيديه لتقديم مثل هذه التنازلات على أساس تطبيع العلاقات مع العالم العربي.
ويشدد حسنين على أن انعقاد مؤتمر سلام في جدّة بحضور إسرائيليين وفلسطينيين تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان سيكون خطوةً أولى باتجاه إجراء محادثات سلام حقيقية، ذلك ان الحكومة الإسرائيلية قدمت تنازلات غير متوقعة من أجل تطبيع العلاقات مع الدول العربية،" كما يتضح من تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحم بيغن عن وعده بعدم إخلاء المستوطنات في شبه جزيرة سيناء مقابل التوصل إلى معاهدة السلام الإسرائيلية الأولى مع دولة عربية."
ويختم الباحث بالتأكيد على أن المشهد الحالي للشرق الأوسط، يؤكد أن إيران والجماعات الإسلامية المتطرفة أصبحت تشكّل تهديداً أكثر خطورةً على المملكة العربية السعودية من إسرائيل، وقد أدى هذا الواقع إلى إدراك المسؤولين السعوديين والإسرائيليين بأن مخاوفهم الأمنية الوطنية الأساسية تتلاقى وأن الجانبين يشاطران بعض الأهداف الاستراتيجية مثل احتواء إيران.
كما ان حلّ النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، سيمكن السعودية وإسرائيل من إزالة حجرة العثرة الناتجة عن هذا الصراع والتركيز بدلاً من ذلك على تعزيز العلاقات والعمل الجماعي لمواجهة التهديدات في المنطقة.