رغم أن مسافات طويلة تفصل القرن الافريقي عن الخليج العربي، الا أن هذه المنطقة تجد نفسها اليوم في قلب معركة نفوذ إستراتيجي وساحة تتأثر بالضرورة بأزمة قطر .
صحيفة New Delhi Times أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست أكدت فيه أنه ومع ارتفاع حدة الأزمة بين السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة و قطر من جهة أخرى، فإن دول شرق أفريقيا تجد نفسها اليوم في قلب منافسة شرسة على النفوذ.
من جهته يشير كريستيان كواتس أولريكسن، زميل الأبحاث في معهد جيمس بيكر للسياسة العامة "أعتقد أننا نشهد لعبة من الشطرنج الجيوسياسي يجري تنفيذها الآن".
إلى ذلك يضيف التقرير أن أهمية القرن الأفريقي لدول الخليج تتأكد بمجرد إلقاء نظرة على خريطة المنطقة حيث توجد هذه المنطقة على مسافة 30 كلم من باب المندب ، وهو خط بحري حساس لناقلات النفط المتجهة من الخليج الى اوروبا.
و لسنوات، وفرت شواطئ شرق أفريقيا نقطة حاسمة للمهربين للوصول إلى اليمن، فضلا عن أنها أرض صيد ثمينة وهدف كبير للقراصنة، لذلك فإن عملية تأمين المنطقة ذات أهمية كبيرة لدول الخليج خاصة، منذ مارس 2015 عندما شن التحالف الذي تقوده السعودية حربه ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من ايران في اليمن.
ومنذ بدء الصراع، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الخليجية قواعد عسكرية في شرق أفريقيا، ففي إريتريا، لدى الإمارات قاعدة في عصب، كما سيتم بناء قاعدة عسكرية اماراتية اخرى في الصومال.
وفي ذات السياق يشير اولريكسن "ان الامارات حريصة جدا على اظهار أنها توفر الامن وبانها ليست مجرد مستهلك للأمن".
و من جهتها تسعى السعودية لبناء قاعدة عسكرية في جيبوتي التي تمثل موطنا لقاعدة عسكرية صينية قيد الإنشاء وقاعدة اميركية تطلق بعثات من دون طيار على الصومال واليمن.
لذلك يعتقد المحللون ان كل هذه المنشآت العسكرية الخليجية ستصبح ميزة دائمة فى شرق افريقيا، حيث يؤكد عمر كريم، الباحث في جامعة برمنجهام أن البلدان الخليجية "لم تنخرط فقط في القرن الافريقي، بل أصبحت فاعلا استراتيجيا طويل الأجل في المنطقة بأسرها".
ففي الصومال التى تحارب حكومتها منذ سنوات جماعة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، يلوح دور وتأثير دول الخليج ، حيث تعتبر المملكة العربية السعودية أكبر متبرع للحكومة الصومالية، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة دربت الجيش الصومالي وأطلقت دعوات لمساعدة هذا البلد الافريقي، وفي الوقت نفسه، سمحت الصومال للطائرات القطرية بالتحليق على نحو متزايد من خلال مجالها الجوي بعد أن أغلقت الدول العربية أجواءها أمام الطائرات القطرية.
و هنا يؤكد رشيد عبدي مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية أنه "لا يمكن أن تجد أي مكان أكثر أهمية على المستوى الاستراتيجي للدول الخليجية أكثر من الصومال، وهذا ما يفسر شدة اهتمام هذه الدول بالصومال ".
أما بالنسبة لإريتريا، فتجد نفسها اليوم في نطاق الأزمة الخليجية بما أنها تستضيف القاعدة العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة في عصب، كما تقف في صف التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
كما عملت أريتريا بعد سحب قطر ل 400 من قواتها التابعة لقوات حفظ السلام من جزيرة في البحر الاحمر متنازع عليها بين اريتريا وجيبوتى، إلى ارسال قواتها الخاصة للاستيلاء عليها.
أما أثيوبيا التي خاضت حروبا ضد الصومال وإريتريا في السنوات العشرين الماضية، فرغم أنها تحاول أن تكون بعيدة عن الأزمة الخليجية فقد تجد نفسها في قلب هذا الصراع بما أنها محاطة بالقواعد العسكرية الأجنبية المنتشرة في الصومال وإريتريا، كما ان التجارة الخارجية لأثيوبيا تمر عبر ميناء جيبوتي، الذي تديره الآن دبي العالمية، في الوقت الذي تسعى فيه مصر، التي تشكل جزءا من الدول العربية التي تقاطع قطر الآن، لانشاء سد عملاق على ضفاف نهر النيل والذي من المنتظر أن يقلل حصة إثيوبيا من مياه النيل.