كل شيء تغير بالنسبة للسيد مارتن سافانا هذا الصباح، منذ أن قرأ في صحيفة اليوم أن الممثلة الهوليودية "بينلوب كروز" ابتاعت بيتاً في القرية لتقضي فيه إجازاتها.
حك أنفه أكثر من مرة وهو يقرأ الخبر، ويبتسم بطريقة رجل وجد كنزاً، وعرف الطريق إليه. حاول أن يمسح حبات العرق عن جبينه، لكنه لم يستطع، لأنه كان يقرأ بيديه الاثنتين الجريدة، ويبدو لمن يراه من بعيد، وكأنه سوف يلتهمها بعد قليل.
قرأ الصحيفة أكثر من مرّة، وفي كل مرة يعود إلى "بينلوب"، ويتأمل الصورة التي نشرت جوار الخبر، وكانت معشوقته بملابس السباحة على شاطئ لم تشر الصحيفة إلى مكانه. تأمل الخبر، والكلمات، والشاطئ، وبالطبع ملابس السباحة أكثر من مرّة، ثم قال لنفسه:" لا جديد في هذه البلدة سوى بينلوب"!.
لاحظ زوجته وهي تلقي عليه تحية سريعة، وتمشي مهرولة للحاق بعملها في مكتب البريد، وقد نست أن تغلق سحاب تنورتها من الخلف. ضحك بعنف لكنه لم يتكلم. لماذا يخبرها؟ ليس لديه وقت لكل هذا الهراء، فحبيبة قلبه، بينلوب، قادمة، ولا بد من الاستعداد لذلك.
مارتن يعشق مطعمه، والأرز، أكثر من أي شيء في العالم. لكنه ليس متأكداً من إن بينلوب قد يعجبها المطعم، ومن هنا بدأت معركة في ذهنه، لم تهدأ.
- " أنت ... تعال هنا".
صرخ في وجه اوستايفو المسكين الذي اقترب من رب عمله وملامحه تشي بالرعب أكثر من أي شيء آخر، ودارت في رأسه عشرات الأفكار السيئة، ومنها لو أكتشف مارتن علب الجبنة التي تسرق كل يوم من مطعمه، أو سمكات السردين التي كان يقول إنها لا تصلح للأكل... إلا في منزله، و ...
- " اوستافيو استيقظ".
مارتن لم يسأله عن المسروقات اليومية، بل كل ما يهمه هو أمر واحد فقط: "ما هي أنواع الأكل الذي تحبه بينلوب؟" وبالطبع ليس لديه في هذا المحل، سوى اوستافيو الخبير في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، والخبير أيضاً في استعارتها دون علم أصحابها، ودون التفكير في إعادتها إليهم!
-" افتح الجهاز اللعين وفتش عن كل ما تحبه بينلوب وأخبرني فوراَ".
قرر اوستافيو الذهاب فورا إلى المنزل مستمتعا بأهميته المستحدثة، على اعتبار أن هذا البحث الدقيق بحاجة إلى مكان هادئ، وجهاز الكومبيوتر الموجود في المحل لا يعمل بسرعة.
لو قيلت جملة " سأذهب إلى المنزل" لمارتن في وقت آخر، لربما تناثرت قطع الزجاج، وطاشت الدماء في المطعم، فهو لا يعترف بفكرة الإجازة، حتى لنفسه، لأنه يقضي حياته في المطعم، ولا يعرف سواه. لكن من أجل بينلوب قرر التعامل بحكمة، وأعطى أوستافيو موافقته، ودعمه الكاملين.
وبالنسبة لمارتن، فإن الساعتين التي قيل له أنها مدة البحث عما تحبه بينلوب، تحولت إلى سنوات، وبدأ يشعر بالملل والتوتر. وهنا بدأ ينظر إلى السقف نظرة مارتن الفنان، لا صاحب المطعم. لاحظ أن صورة تمثال السيدة مريم على الحائط مائلة نحو اليسار، وهنا شعر بالجنون. ماذا لو جاءت بينلوب المطعم فجأة، ووجدت هذه اللوحة مائلة؟
وفورا انطلق إلى الحائط، وتعامل مع الموقف بحنكة.
ثم فكّر في ملابس العمّال الرثّة، وتلك الروائح الكريهة. لابد أن يتصرّف بأسرع ما يمكن، وهنا لمعت في ذهنه فكرة حمام العطر لكل موظف. النساء يعشقن العطور، والأميرة بينلوب ستحب ذلك.
وبعد كل هذه الأفكار والساعات، لاحظ جميع أصدقاءه حالة الجنون الطارئة، واحتاروا في كيفية محاولة إقناعه بالتوقف عن ذلك.
كل شيء تغير في حياة مارتن ذلك الصباح الذي قرأ فيه الخبر في صحيفة "الأيام السعيدة" يوم الأحد، الثاني والعشرين من شهر فبراير 1995.
ومرت بينلوب بمطعم مارتن وضحكت جدا وهي ترى أن أضواء النيون لا تعمل بشكلك كامل، على كل حروف اسم المطعم، والأحرف المضاءة كانت ثلاثة أحرف قبيحة فقط.
ضحكت الحسناء الإسبانية وقالت:
- يوماً ما سأعود!
يمكنكم الآن الحصول على رواية #حكايا_الدوق عن طريق #أمازون مع المحبة : سلطان السعد القحطاني.
Check this out: حكايا الدوق https://www.amazon.co.uk/dp/B076VKCZ8S/ref=cm_sw_r_wa_awdb_-TI8zbSR2P79N