2015-10-10 

ما يخصنا فى حادث تونس

سليمان جودة

علينا أن نتأمل جيداً معنى ما جرى فى تونس، أمس الأول، لأن فيه جزءاً يخصنا نحن هنا، كما سوف نرى حالاً! ذلك أنها ليست المرة الأولى التى تتعرض فيها تونس لضربات الإرهاب، ولكنها المرة الأولى التى يسقط فيها هذا العدد الضخم فى حادث واحد! وإذا كان الحادث قد أدى إلى سقوط 22 قتيلاً، وإصابة 50 آخرين، فإن المعنى الأقوى فيه ليس أنه جرى فى يوم احتفال الإخوة التوانسة بعيدهم الوطنى، رغم أن هذا بطبعه ملمح مهم للغاية. ففى الوقت الذى ذهب فيه كثيرون، مساء اليوم نفسه، إلى السفارة التونسية بالقاهرة، لتهنئة السفير محمود الخميرى بيوم العيد الوطنى، كان عليهم، فى الوقت ذاته، أن يواسوه فى قتلاه ومصابيه! وليس المعنى الأقوى أن الحادث قد وقع فى قلب العاصمة، ولا أنه قد تم من خلال الهجوم على متحف! ولا المعنى الأقوى، فى الحادث، أنه جرى بالقرب من البرلمان الذى كان أعضاؤه يناقشون مشروع قانون لمواجهة الإرهاب فى اللحظة ذاتها! ولا حتى المعنى الأقوى أن المستهدفين فيه كانوا فى أغلبهم من السياح، فمن بين 22 قتيلاً، سقط 17 سائحاً مرة واحدة، مع الانتباه هنا إلى أن السياحة مورد أساسى لاقتصاد البلد هناك، وأن الذين خططوا لحادث بهذا الحجم قد أرادوا، بالتالى، ضرب تونس فى اقتصادها بالأساس! هذا كله لابد أن نتوقف عنده، وأن نتدبر معانيه، لأننا، بما نواجهه فى شوارعنا كل يوم، من ضربات إرهابية خائبة، ويائسة، نظل مع كل مواطن تونسى فى الهم سواء، ونظل جنوداً فى معركة واحدة! غير أن ما قصدته، منذ البداية، حين قلت إن فى الأمر جانباً يخصنا نحن هنا، هو أن نلتفت إلى أن ما جرى قد جرى، بينما حركة «النهضة» الإسلامية هى الثانية من حيث عدد أعضائها المنتخبين فى البرلمان التونسى، وهى أيضاً مشاركة فى الحكومة التونسية الحالية بوزير وثلاثة وزراء دولة! فما المعنى؟!.. المعنى أننا نسمع، طول الوقت، ممن يتعاطفون مع الإخوان عندنا، ومن أمثالهم، أن العنف الذى لانزال نشهده إنما يرجع إلى أنهم، كإخوان، غير موجودين فى الحياة السياسية، وإلى أنهم ليسوا جزءاً من المشهد السياسى، وإلى أنهم قد تم إقصاؤهم، وإلى.. وإلى.. إلى آخر هذه الحجج التى يقول حادث تونس إنها باطلة، وفارغة، ولا تستند إلى أى أساس! هى فارغة، وباطلة، ولا تستند إلى أى أساس، لأنه إذا كان العنف عندنا يعود إلى إقصاء الإخوان، فما هو بالضبط سببه فى تونس، إذن، إذا كان الإخوان هناك، الذين يتمثلون فى حركة النهضة، موجودين فى الحكومة، وفى البرلمان، وفى الحياة كلها دون أى إقصاء ودون أى مشاكل معهم؟! ما السبب، إذن، سوى أن الإرهاب يستهدف ضرب الدولة نفسها عندنا، وعندهم، وأنه لا علاقة له بكون الإخوان أو الإسلاميين موجودين فى الصورة، أو غير موجودين؟! إذا كان هناك درس من الحادث المأساوى التونسى فهو أن على الذين يرددون حديث المصالحة، باعتبارها سوف تؤدى إلى اختفاء الإرهاب، أن يضعوا حجراً فى أفواههم، وأن يسكتوا تماماً، وأن يتواروا عن الأنظار، لأن المصالحة المزعومة، والمريبة معاً، قائمة فى تونس على أفضل ما تكون، ومع ذلك سقط كل هؤلاء القتلى والمصابين! حديث المصالحة فى ضوء هذا كله له أهداف أخرى أسوأ مما نتخيل، وهى لا تخفى على كل ذى عينين! *نقلاً عن صحيفة "المصري اليوم"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه