2015-10-10 

أسباب السعودية للهجوم على اليمن وخسائر ايران

من القاهرة، حسين وهبه

فاجأت المملكة الجميع وفي مقدمتهم إيران بإعلان السفير السعودي في واشنطن عن شن غارات جوية وتدخل عسكري في اليمن مساء الأربعاء. في هذه المرة كانت حسبة الحوثيين وإيران خاطئة جداً.حيث بات واضحاً أن المستفيد الرئيسي من تحطم كيان العالم العربي السني هي إيران، لقد تزايد نفوذها واتسعت رقعة عمليات الحرس الثوري التابع لها. وخدم اندفاع الحوثيين في اليمن مصالح عدة فصائل داخل البلاد وخارجها، واستخدموا كغطاء لسعي الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لإعادة فرض سلطة عائلته، وبشكل أساسي من خلال ابنه أحمد، الذي يشغل منصب سفير اليمن في دولة الإمارات العربية المتحدة ولديه طموحات بأن يعود إلى اليمن ليصبح الرئيس القادم فيها. وعشية الهجوم السعودي، تلقى أحمد عبد الله صالح تحذيراً من ابن الملك سلمان بألا يقترب من عدن، ولكن حينما تجاهلت وحدات من الحرس الجمهوري موالية لأحمد هذه التحذيرات شعرت الرياض بأنه تم تجاوز الخط الأحمر. ويؤكد الكاتب المخضرم ديفيد هيرست أنّ واقع الحال كان يشير الى أن الرياض ترددت وتركت الأمور تجري حتى وقت متأخر فقد بات استيلاء الحوثيين على عدن وسقوط الرئيس عبدربه منصور هادي مسألة وقت فقط لا غير. واضطرت الرياض للتدخل المباشر ولم تجد مفراً من ذلك لأسباب ثلاثة أنّ سقوط عدن ومضيق باب المندب، الذي تمر عبره كل شحنات النفط المتجهة نحو قناة السويس، وسيطرة المشيليات الحوثية المدعومة من إيران على ثلاثة أرباع الجزء الأكبر كثافة من حيث السكان في اليمن سيشكل تهديداً مباشراً للمملكة العربية السعودية نفسها. ثانيها التهديد المباشر والتبجح من قبل الحوثيين وإيران والذي تطلب رد فعل حاسم وقاطع من السعودية حيث هدد عضو المجلس السياسي للحوثيين محمد البخيتي في مقابلة مع الجزيرة، السعودية بالقضاء على نظام آل سعود في الجزيرة العربية في حال تحملها المسؤولية عن أي تدخل عسكري في اليمن". وذكر البرلماني الإيراني علي رضا زاكاني أنّ الثورة اليمنية لن تقتصر على اليمنيين فحسب، بل ستمتد بعد نجاحها إلى داخل الأراضي السعودية، وحرض سكان المنطقة الشرقية في السعودية بتنظيم الاحتجاجات. وأكد أنّ الأحداث في اليمن امتداد طبيعي للثورة الإيرانية مهددًا بسيطرة الحوثيين على 14 من المحافظات اليمنية العشرين . ونقل موقع "ديغرابان" عن عضو الإدارة السياسية في الحرس الثوري الإيراني سعد الدين زرعي، القول بأن الهمس بدأ يتعالى بشأن تواجد الحرس الثوري الإيراني في المملكة العربية السعودية، وهذا يعتبر بمثابة تهديد مباشر للرياض ذاتها. يضاف إلى ذلك التبجح استمرار إيران في إنكار تقديم المال والتدريب لميليشيات الحوثي الشيعية، بالرغم من أن كل الأدلة تفيد العكس تماماً. ويشير هيرست أنّ العامل الثالث يكمن في مسؤولية قادة السعودية بحماية ملايين العرب السنة من الانهيارأمام التقدم المنسق للقوة الإيرانية في العراق وفي سوريا والآن في اليمن، ووفائه بعدم تسليم مهمة حماية السنة إلى القاعدة وداعش في صراع إقليمي يهدد على المكشوف بالتحول إلى صراع طائفي. وأوضح لو جلست المملكة مكتوفة اليدين ولم تفعل شيئاً لفقدت شرعيتها في أعين مواطنيها ولاندفع شبابها إلى أحضان داعش، مضيفًا أنّ توسع النفوذ الإيراني -سواء عبر من يعملون بالنيابة أو من خلال قادتها هي وقوات النخبة المقاتلة فيها- ليشمل أربعة بلدان عربية كان انتهازياً أكثر منه مخططا له، وسببه فراغات السلطة، مثل ذلك الذي نشأ في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003. وبحسب هيرست أنه لا توجد إيران واحدة، وإنما كتل تسعى كل منها لتحقيق مصالح خاصة بها قد تكون في بعض الأوقات متعارضة. وتؤكد تصريحات لبعض الحكماء والعقلاء في طهران أشارت إلى أنّ الحرس الثوري الايراني تمدد أكثر مما يحتمل، لافتتين إلى أنّ تدخل إيران في اليمن يكبدها الهزيمة . ونقل موقع عربي 21 عن عناصر في دوائر قيادية عليا داخل الحزب الله إيران قلقها إزاء تداعيات سيطرة الحوثيين على اليمن، تقول مصادر حزب الله إن السعادة التي تبديها وسائل الإعلام الموالية للشيعة بشأن تقدم الحوثيين لا تخفي قدراً كبيراً من القلق بشأن ذلك الذي يجري هناك. ووجهت أوساط رفيعة المستوى في حزب الله انتقادتها لقاسم سليماني القائد الشهير للحرس الثوري والذي يتنقل بين العراق وسوريا، وبينما تنفتح جبهة بأكملها في اليمن، واتهموه بأنه لم يعد يقرأ المشهد في العراق سوى من خلال ذهنية الاستشهادي. لقد تعطلت عملية استعادة تكريت من داعش، وتكبدت المليشيات الشيعية خسائر جسيمة، وذلك بسبب عدم توفر الغطاء الذي كان يوفره لها سلاح الجو الأميركي، ويتوالى في هذه الأثناء وصول الأكفان على مدينة النجف لمراسيم الدفن بمعدل ستين كفناً في اليوم الواحد. وفي سوريا، تتكبد حكومة الأسد المدعومة من قبل إيران الخسائر، فقد استولت قوات المعارضة السورية على بصرى الشام، ويبدو أن الدور قادم على إدلب. ولا تخفي المصادر العليا في حزب الله قلقها من أن تؤدي الأزمة الإيرانية الراهنة إلى اتخاذ قرارات جديدة أكثر خطورة على صعيد التعاطي مع حرائق المنطقة. وفق لما ذكر المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه، فإن طهران تعتقد بأن الرياض لن تتردد في مد يد العون لكي ترد على سيطرة الحوثيين في اليمن بمسلسل من العمليات يشبه ما جرى ويجري في العراق. وأعرب مصدر داخل حزب الله عن قلقه إزاء رد الفعل الذي يمكن أن تلجأ إليه طهران رداً على الهجوم السعودي موضحًا أنّ ما تخشاه الدوائر العليا في الحزب، أن تقرر طهران فتح جبهة جديدة تشتت جهد السعوديين والخليجيين، وتحديداً في البحرين والسعودية، عبر تحريك الشيعة في البلدين ودفعهم نحو حمل السلاح. من الممكن الآن أن يلجأ كل من التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية من جهة وإيران من جهة أخرى إلى تصعيد النشاطات المناوئة لكل منهما داخل أراضيه. و كان الإيرانيون يتمتعون بنفوذ في أوساط الشيعة المضطهدين في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية وفي أوساط الشيعة في البحرين، فيمكن أن يقال نفس الشيء عن نفوذ سعودي في أوساط الأقلية العربية داخل إيران، حيث حصلت قلاقل واضطرابات بين الأقلية العربية الأحوازية، والتي تشكل الأغلبية في إقليم خوزستان. يتعرض الأحوازيون للتمييز ضدهم في منطقة معروفة بثرائها النفطي، ويزعمون بأنهم يحظر عليهم صيد السمك والحصول على المياه العذبة. خرج المئات منهم في مسيرة جنازة الاثنين الماضي طافت الشوارع لبائع متجول أضرم النار بنفسه احتجاجاً على مصادرة السلطات لبسطة كان يبيع فيها الخضار والفواكه. وأعلنت يوم الثلاثاء مجموعة تسمي نفسها الجناح العسكري لثورة الأحواز عن نفسها من خلال مقطع فيديو نشرته عبر الإنترنت. ويقول هيرست إذا كانت إيران فعلاً على وشك إبرام صفقة تاريخية مع واشنطن حول برنامج إيران النووي، والتي من شأنها أن تحرر البلد من نظام صارم من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فأين ستكمن مصالحها على المدى البعيد؟ هل ستكمن في ولوجها الاقتصاد العالمي كمصدر للنفط؟ أم ستكمن في خوض غمار حروب مريرة في قلب الأراضي العربية؟ هل فعلاً سترغب في تنفيذ أجندة من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من النزاع الطائفي المدمر بين الشيعة والسنة؟ أم ينبغي عليها أن تتصالح مع جيرانها العرب في منطقة تشكل إيران جزءاً حيوياً منها؟

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه