أثار قرار زعماء وقادة العرب بتشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية المحيطة بدول المنطقة كما قيل رسميا تساؤلات الرأي العرب بشأن أهمية هذه القوة في الوقت الراهن لاسيما وأن العالم العربي نادى بها من عشرات الأعوام. ويأتي السؤال الثاني عن مدى صمود تلك القوة في ضوء تضارب مصالح الدول العربية والخلافات بينها ولعل أفضل مثال على ذلك تحفظ بعض الدول على المشاركة في الضربة السعودية-العربية للحوثيين في اليمن، وتعبير أطراف عربية عن رفضها لهذا الهجوم، وأولها العراق المرتبط بعلاقات قوية مع إيران. يعلق أستاذ ورئيس العلوم السياسية في جامعة الملك سعود في الرياض الدكتور ابراهيم محمود النحاس، في مقال بصحيفة الرياض، يقول:إنّ الرغبة في تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك التي أقرت في 1950 من دول عربية، في صورة جديدة بعبر قوة عربية مشتركة لا يتناسب مع مجريات الأحداث السياسية العربية في عام 2015. ويوضح الكاتب السعودي أنّ الإيديولوجية القومية العربية كانت في ذلك الوقت في ذروة اندفاعها، نتيجة لحداثة استقلال بعض الدول العربية، فضلا عن أن توجيه تركيزها نحو إسرائيل، أما اليوم فقد تغيرت العلاقات الاستراتيجية لهذه الدول. ونوه النحاس أن هذه القوة المشتركة ستطرح سلبيات أكثر من الإيجابيات في مقدمتها المنافسة بين الدول العربية حول قيادة هذه القوة، واحتمال أن تؤدي القوة إلى تكتلات عربية-عربية، وهو ما يعني المزيد من الانقسام حسب الكاتب. ويرى الخبير السعودي أن النقطة الإيجابية الوحيدة لهذه المبادرة تتمثل ربما في إرضاء الرأي العام العربي، الذي قد يثني على سياسة العربي واستبعد الخبير الموريتاني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة نواكشوط، ديدي ولد السالك، الانقسام حول رئاسة القوة المشتركة قائلا،: من الواضح أن السعودية هي قائدة هذه القوة، وتأتي بعدها دول الإمارات والكويت وقطر، فيما سيكون لمصر والسودان والمغرب دور في تقديم القوات البرية والبحرية، أما باقي الدول العربية فهي داعمة لها فقط. وانتقد ولد السالك التأخر والبطئ في إصدار القرار لاسيما وأنّ إيران بدأت تتمدد بشكل كبير مستفيدة من غياب المواجه الاستراتيجي العراق، بعد احتلاله في عام 2003، ما خلّف فراغا استراتيجيا في المنطقة، كان على الدول العربية التحرك بسرعة لسده". ويؤكد أن الدافع الأبرز لتشكيل هذه القوة، ليس التهديدات الإرهابية كما تروج الدول العربية أو الارهاب الحوثي أو القاعدة فهو ليس بالأمر الجديد، إنما الجديد والخطر الأكبر هو تزايد النفوذ الإيراني بشكل كبير. منوها أنّ إيران لم تعد تتصرف كدولة قوية في المنطقة فحسب، بل كإمبراطورية لديها تأثير في عدة دول. يشير الخبير الموريتاني إلى أن إيران مع تزايد نفوذها أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا ومباشرا للأمن القومي للدول الخليجية، لافتا الي أنّ العراق وسوريا ولبنان تحولت إلى ولايات إيرانية، وإذا انضمت إليها اليمن وتمكنت إيران من السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي، فقد تجد الدول الخليجية والعربية نفسها في المستقبل القريب تحت سلطة إيران ويعتقد ولد السالك أن هذه القوة لن تصمد كثيرا، أولا بسبب الأوضاع المعقدة التي تعيشها دول عربية كثيرة بعضها منهار تماما كسوريا والعراق وليبيا واليمن، بينما هناك دول منشغلة بمشاكلها الداخلية كبعض دول المغرب الكبير. وثانيا بسبب تضارب المصالح العربية والخلافات الكبيرة بين بعض هذه الدول. ويقول: "كما قلت هي بالأساس مبادرة سعودية تهدف لحماية مصالح السعودية بالدرجة الأولى، بما أنها المعنية الأولى بالحرب الإقليمية ضد إيران": لكن -وبالرغم من تخوف الدول العربية من النفوذ الإيراني- إلا أن الخلافات بينها ستكون أكبر من أن تبقى متحدة بسبب خطر إيران حسب اعتقاد ولد السالك. وتجدر الاشارة الي ان زعماء وقادة العرب أقروا اليوم الأحد، مشروع قرار ينص على تشكيل قوة عربية مشتركة تضطلع بالتدخل السريع لمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دول عربية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي، بما في ذلك التهديدات الإرهابية. وينص مشروع القانون، على تكليف الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، بالتنسيق مع رئاسة القمة (مصر) بدعوة أركان القوات المسلحة خلال شهر من صدور القرار لدراسة كافة الإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة المشتركة وتشكيلها وعرض نتائج أعمالها في أقرب وقت في اجتماع خاص لمجلس الدفاع العربي المشترك ورغم أن الداعي الأول لهذه الفكرة هو الرئيس المصري السيسي، الذي يرغب في أن تكون هذه القوة المشتركة وسيلة لمكافحة الإرهاب، خاصة بعد الاضطرابات في سيناء وتمدد تنظيم داعش إلى ليبيا. إلا أن هناك دولا عربية أخرى قد تكون لها مصالح مختلفة، وهدفها لا ينسجم مع الهدف المصري.