لم تكن الأيام الأولى من شهر يونيو للعام الماضي 2018م أياماً عادية في الحياة الثقافية والمثقفين في المملكة العربية السعودية، حينما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله امره الكريم القاضي بإنشاء وزارة للثقافة حيث أعاد للثقافة وهجها ولتكون متوائمة مع مانصت عليه رؤية المملكة 2030 على أن " الثقافة "من مقوّمات جودة الحياة "و بأمر ملكي كريم لاحق قضى بتعيين صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود وزيراً للثقافة ليكون أول من يشغل هذا المنصب في المملكة العربية السعودية وليصبح مسؤولا بشكل مباشر عن الملف الثقافي السعودي بعدما كان هذا الملف لعقود ملفاً ليس ذا أولوية ومشتتاً بين عدة جهات حكومية أخرى.
الحركة الدؤوب التي تقوم بها الوزارة ووزيرها النشط ليس فقط على المستوى الداخل السعودي ، بل حتى عبر الخارج السعودي وبنهج تشاركي مع المبدع السعودي والذي يعتبره سمو الوزير في كلمته الإفتتاحية في موقع الوزارة أنه رأسمال الثقافة، وبحركة مستمرة وبكل ديناميكية دون كلل او ملل إلا وتطالعنا الوسائل الإعلامية بنشاط ثقافي مكوكي يقوده سمو الوزير أو أحد أفراد فريق علمه إما بعقد إتفاقية تطوير أو شراكة مع أحد الجهات الخارجية لإبراز الوجه الثقافي للمملكة العربية السعودية والتحليق به عالياً وابرازه كقوة ناعمة على المستوى الدولي ويتجلى ذلك حرص الوزارة على عرض التجربة السعودية الطموحة في التنمية الثقافية الشاملة والتي تستمد قيمتها ووجودها من “رؤية المملكة 2030” التي نصت على أن الثقافة جزءاً أساسياً لأهدافها التنموية.
وجاء ذلك من خلال مشاركة الوزارة مؤخراً في الحدث الهام الذي نظمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر الأمم المتحدة الرئيسي بنيويورك بالتزامن مع اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنميةوبمشاركة دولية عُرضت خلالها تجارب عالمية طموحة لتعزيز حوار الثقافات والتنوع والانفتاح على الآخر. حيث بينت د. أفنان الشعيبي المشرف العام على العلاقات الدولية في وزارة الثقافة المتكئة على خبرة عريقة بالعلاقات الدولية دراسة و ممارسة في كلمتها والتي أكدت فيها بأن الثقافة تعد جزءاً أساسياً من رؤية المملكة 2030 وأن المملكة كانت وما زالت تؤمن بقوة الثقافة والتراث الثقافي في جمع الناس والمجتمعات لتحقيق التنمية المستدامة، وبأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي لتحقيق السلام والسعي المشترك مع كافة الدول لبناء مستقبل ثقافي غني تزدهر فيه مختلف أنواع الثقافة والفنون.
و الأخبار الثقافية السعيدة تتوالى حينما صدر قرار مقام مجلس الوزراء الموقر في جلسته الماضية بنقل المهمات المتعلقة بإقامة وتنظيم فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة ( الجنادرية ) من وزارة الحرس الوطني إلى وزارة الثقافة معلناً بذلك نقلة نوعية جديدة لإدارة المهرجان و إنتقاله من كنف وزارة الحرس الوطني إلى رحاب وزارة الثقافة التي سوف تحلق بـالمهرجان العريق والذي ينتظره المواطنين والمقيمين على احر من الجمر سنوياً إلى آفاق جديدة و واعده .
و تدعيماً للثقافة السعودية كقوة ناعمة في هذا الوقت بالذات نتمنى نقل الملحقيات الثقافية من وزارة التعليم إلى وزارة الثقافة لأن وعبر عقود لم تستطع وزارة التعليم عبر ملحقياتها الثقافية إبراز الوجه الثقافي للمملكة خصوصاً بالدول الغربية ،ومن واقع تجربة كمبتعث سابق، الملحقيات الثقافية ( بوضعها الحالي ) ينحصر عملها بالمتابعة التعليمية البحته للطلاب وهذا هو صميم علمها و على هذا الأساس ينبغي أن يكون أسمها الملحقيات التعليمية وليس بالشأن الثقافي .
وزارة الثقافة هي المؤهلة بالنهوض بـالملحقيات الثقافية كقوة ناعمة دولية، لأن الوزارة ككيان جديد و طموح قادرة على التحرك بكل برشاقة إدارية حيث يُعتبر الملف الثقافي هو الأول بالنسبة لعملها الرئيس وليست كما هي وزارة التعليم التي تعاني بحكم عملها قد يكون الملف الثقافي العام ربما لي من أول خمس أولوياتها ، و بزيارة خاطفة وسريعة للموقع الإلكتروني لوزارة التعليم في الصفحة التعريفية الخاصة للإدارة العامة لشؤون الملحقيات الثقافية نجد أنهم فسروا دورهم المنوط بالشأن الثقافي بما يلي (( القيام بالدور الثقافي المناط بها للتعريف بالثقافة السعودية ورموزها، وتوثيق علاقات التعاون العلمي والثقافي بين مؤسسات التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية ونظيراتها في الدولة مقر الملحقية، والترتيب للزيارات الرسمية ولبرامج الاساتذة والطلاب الزائرين.)) أي أن ذلك إقتصر بين مؤسسات التعليم العالي بالسعودية ونظيراتها بالخارج من خلال توثيق عرى التعاون بينهما وتبادل الخبرات وهذا يجب أن يكون من خلال ملحقيات تعليمية، ولكن بالمقابل و بزيارة اخرى لموقع وزارة الثقافة نجد أنها حددت أعمالها و أنشطتها من خلال رؤية و إستراتيجيات وتوجهات الوزارة التي اُعلنت في يوم 27 مارس 2019م بما يلي (( الثقافة بصفتها نمط حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي والثقافة من أجل التبادل الدولي.)) وذلك من خلال 16 قطاعاً فرعياً كما هو مذكور في موقع الوزارة .وبمقارنة سريعة من تصور كلاً من وزارة التعليم و وزارة الثقافة للملف الثقافي نجد أن وزارة الثقافة فصّلت هذا الشأن بفهم أعمق لما يجب أن يكون عليه الوضع فلذلك من الأجدى أن يتم نقل الملحقيات الثقافية إلى وزارة الثقافة وتدعيمها بكوادر بشرية قادرة على فهم اللغة الثقافية والفكرية بالشكل الذي يليق بالمرحلة و المتوائمة مع روية المملكة 2030 من خلال توجهات وزارة الثقافة بما تحتويه من مبادرات طموحة تهدف لتنمية القطاع الثقافي السعودي بكل أبعاده الإنسانية والحضارية