سبق أن تم دمج تعليم البنات بالتعليم العام لتوحيد الإجراءات والاستراتيجيات، وبعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان تم دمج التعليم العالي بالعام لنفس الغاية والغرض، مع أن توحيد مثل هذه الوزارات والإدارات تم في بلدان متقدمة مع فسحة في إعطاء الصلاحيات في الخطط والميزانية لتسهيل الحركة وإيقاف معوقاتها.. الجميع يتساءل عن جدوى سياسات المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني والتي تحت هذا المسمى وأرقام الاعتمادات الهائلة عندما ندقق بالعائد نجده لا يتوازى مع القيمة المفترضة، حيث نجد المخرجات لا تستطيع أن تفي بربع حاجة الدولة بقطاعيها العام والخاص وتأثيرها في تحفيز البحث والتطور في الوصول إلى الابتكار مع الطلبة أو هيئات التدريس من أجل بناء اقتصاد المعرفة والحكومة (الإلكترونية) التي هي نمط حياة المستقبل البعيد، ويعود السبب لضعف الكادر أو النظم المعمول بها، وإذا كان يتعذر دمج هذه المؤسسة مع قطاعات التعليم الأخرى، فإن وجودها بحالتها الراهنة يعزلها عن مشروع الخطة الشاملة للتعليم والتي لا يفصل بينها إلا وضع استراتيجيات تشمل كل القطاعات ووضعها تحت سقف وزارة واحدة.. موضوع مخرجات التعليم تداوله المختصون والعامة، وغياب تحديد الهدف من محدداته وتأثيره على جملة العاملين في التنمية الشاملة من التقنين يعطل أهم مشروع تسعى المملكة- التي تعد أكبر ورشة عمل لمشاريع استراتيجية- لتنفيذه وعدم الاعتماد على العمالة الخارجية.. أرامكو في تاريخها الطويل استطاعت أن تجعل من الأميين عمال تشييد وبناء لمراكز إنتاجها من النفط ومصافيها، وإيجاد كوادر إدارة متقدمة عدت من الشركات المتطورة في العالم وإذا عرفنا أن المشاريع الحكومية التي عهدت إليها وكيف تم تنفيذها بوقتها وبالجودة العالية، فإن الهيئة العامة للجبيل وينبع أعطت لسابك دوراً مشابهاً لأرامكو، وهذا النجاح يعزى لإدارة التطوير وتفكيك الاعاقة الإدارية، وهما مضرب مثل في إيجاد تنمية بشرية متقدمة، والإصرار على التعليم والتدريب المتقدمين ودمجهما في مسار العمل مما جعلهما تسدان احتياجاتهما دون الخضوع لاستيراد الكفاءات من الخارج إلاّ في الحدود الدنيا.. الهيئة، كمثل بسيط، أنشأت كلية الجبيل الصناعية، وهي نموذج للنجاح، حيث تتسابق شركات ومصانع وغيرهما في الطلب على الطلبة وتوظيفهم قبل تخرجهم، ولعل إيجاد بيئة تعليم وتدريب ناجحين يمكن تعميمه على المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، بشرط إعادة هيكلتها من جديد، ونعتقد لرفع مستوى هذا التعليم الذي تسبق أهمية التعليم العالي أن يوضع مجلس إدارة له تشترك به الهيئة الملكية للجبيل، وأرامكو وعناصر مختارة من القطاع الخاص تشرف على إعادة بناء هذه المؤسسة وتبني خططاً سنوية تراعي أسباب تدني مشاريعها وضعف مخرجاتها، بناء على تجربة ناجحة منهم في تطوير وتوظيف خريجين قادرين على ملء شواغر الوظائف التي نفتقر لها.. المؤسسة المذكورة حساسة لدرجة أن كل نقد يوجه لها، هو انتقاص وتجنٍّ عليها لكن القضية ليست شخصية حتى ننظر للموضوع من هذه الزاوية، بل هي جزء من منظومة رأت الدولة أنها تحقق أهدافها في بنية وطن حديث في شبابه ومؤسساته وآماله البعيدة في بناء الدولة الحديثة بكفاءاتها ومنشآتها لتصل إلى العالم الأول بهذه القدرات.. *نقلا عن جريدة الرياض