وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الإيرانية طهران، في مستهل زيارة رسمية، تلبية لدعوة نظيره الإيراني حسن روحاني، وذلك بعد 4 سنوات من آخر زيارة بين البلدين على مستوى الزعماء، بحسب وكالة الأناضول. وتلقي تطورات الأزمة اليمنية بتداعياتها أيضا على العلاقات التركية الإيرانية، وستكون الزيارة مناسبة لمناقشة القضايا الحساسة على المستويين الثنائي والإقليمي، وسط أجواء، وصفها تقرير لشبكة دويتش فيله الألمانية، بالمتوترة جراء العملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وتلقى دعما كبيرا من الرئيس إردوغان. وأدرجت زيارة إردوغان لإيران على جدول المواعيد الرسمية منذ فترة غير أن عددا من المشرعين الإيرانيين دعوا إلى إلغائها الأسبوع الماضي بعد إعلان إردوغان دعمه العملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين - الذين تدعمهم إيران- منتقدا طهران على محاولتها "الهيمنة على المنطقة." وبرغم دعم العملية العسكرية من قبل الرئيس التركي إلا أنه قد خرج المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، ابراهيم قالين، قبل زيارة أردوغان لطهران ب 24 ساعة، بتصريح أكد فيه أن حل الأزمة في اليمن من خلال الحوار الذي يجمع كل الأطراف هو أولوية بالنسبة لتركيا، مشيرا أن بلاده تواصل جهودها بشكل مكثف في هذا الإطار. ونقلت وكالة الأناضول عن قالين قوله "دخلنا اليوم الثاني عشر للعملية الجوية التي بدأت بقيادة السعودية (عاصفة الحزم)، نواصل مبادراتنا بشكل مكثف بغية الوصول إلى حل للأزمة التي تعيشها البلاد (اليمن) من خلال المفاوضات والحوار السياسي". هل هذا يعني أن أردوغان تخلى عن موقفه، أم حاول تلطيف الأجواء قبل الزيارة؟! الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان يرى في افتتاحية صحيفة الرأي اليوم، أن الجانب الاقتصادي في زيارة الرئيس اردوغان لطهران يبدو متفق على معظم فصوله، فان الجانب السياسي يظل حقل الغام شديدة الانفجار، متسائلا عن كيفية تناول ملفات شائكة مثل الملفات العراقية والسورية واخيرا الملف اليمني الاكثر سخونة حاليا. وأوضح عطوان أن اردوغان يقف امام عدة خيارات صعبة أولها أن يتجاوب مع اليد السعودية الممدودة اليه والدخول في “التحالف السني” في مواجهة “التحالف الشيعي” الايراني، والتصدي لما وصفه هو نفسه بـ”الهيمنة” الايرانية، خاصة ان هناك توجها سعوديا بعدم “التعويل” على مصر كعضو اصيل في هذا التحالف الامر الذي سيحل “عقدة” الخلاف التركي المصري التي وقفت في طريقه، ولكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، وربما يتطور الى خوض حروب مع ايران تنعكس سلبا مع الوحدة الوطنية الديمغرافية التركية ذات النسيج الطائفي الهش. أما الخيار الثاني أن ينأى بنفسه عسكريا وايديولوجيا عن سياسة المحاور الطائفية التي تطل برأسها بقوة في المنطقة. والخيار الثالث أن يستغل الرئيس اردوغان علاقاته “الطيبة” مع كل من ايران والسعودية ويقوم بدور “حمامة السلام” او “الوسيط” ويتقدم بمبادرات للحلول. وفي مقال للكاتب السوري خورشيد دلّي بصحيفة" الحياة" اللندنية في عددها اليوم الاثنين، يرى أن الرئيس التركي إردوغان في "حيرة سياسية كبيرة بين روح "عاصفة الحزم" في اليمن واتفاق لوزان النووي، وهي حيرة لن تنتهي إلا بعد زيارته المقررة إلى طهران والنتيجة الحقيقية لتلك الزيارة". وبرأي الكاتب السوري أن "عاصفة الحزم" تضع علاقات تركيا وإيران أمام اختبار جديد، خاصة إذا تطورت العملية العسكرية التي تقودها السعودية إلى تدخل بري. ففي حال تلبية الإيرانيين لمطالب تركيا الاقتصادية سيكون إردوغان أمام معادلة صعبة إما التضحية بالتفاهم الذي يسري في الآونة الأخيرة مع الرياض، وإما أنه سيدفع الأمور نحو مزيد من تعميق الخلافات القائمة مع طهران حول ملفات إقليمية أخرى، في مقدمتها الملفان السوري والعراقي. أو أنه سيحاول اللعب على شد الحبل من الوسط، عبر السعي إلى لعب دور الوسيط مع السعودية باتجاه إيجاد مخرج للأزمة في اليمن والحيلولة دون تطورها إلى تدخل بري. ويقول المحللون إن البلدين الشيعي (إيران) والسني (تركيا) المتنافسين إقليميا، دأبا منذ سنين على الحفاظ على وتيرة صراع تقليدي على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط والأدنى، دون وضع العلاقات في حالة انهيار. لكن تبقى قيمة كبيرة لم توضع في المعادلة إذ استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولي ولي العهد السعودي، وزير الداخلية الأمير "محمد بن نايف بن عبد العزيز"، في العاصمة التركية، أنقرة. وأفاد مراسل الأناضول في أنقرة، أن اللقاء الذي جرى في القصر الرئاسي، استمر نحو ساعة و40 دقيقة. ولا يعرف أحد على وجه التحديد ما جرى في هذه الزيارة، وهل قدم رجل السعودية القوي لأردوغان ما يجعله يرجح الكفة السنية / السعودية على المصالح الاقتصادية مع طهران، أم أن بن نايف كان لديه رسالة لطهران ربما يحملها الوسيط التركي، للتوصل إلى حل في اليمن.