تشير التحركات السعودية والايرانية إلى اقتراب الأمور في المنطقة إلى مواجهة مباشرة بين الدولتين. ويظهر الصراع الإيراني السعودي في أوضح صوره في أزمة اليمن حيث التمدد الإيراني يطوق السعودية عند حدودها الجنوبية والشرقية ويجعلها في تماس مع الخطر الشيعي. وبدأ الصراع السعودي الإيراني يأخد بعدا جديدا بعد سيطرة الحوثيين في اليمن على مقاليد السلطة في صنعاء وتمددهم في معظم أراضي البلاد، تبعها قرار سعوديا بشن هجمات عسكرية "عاصفة الحزم" بتحالف عربي لمواجهة تقدم الحوثيين في اليمن. وبدأت الاتهامات السعودية توجه لايران بتقديم الدعم العسكري والمادي للحوثيين، وهو مانفته طهران كثيرا. إلا انّ ايران لم تستطع اخفاء ولائها لحلفائها لليمن فتوالت الدعوات المنادية بضرورة وقف العمليات العسكرية السعودية في اليمن، واللجوء الي الحوار وبدء السعي الايراني لكسب مزيد من المؤيدين لرأيها فكسبت في صفها الرئيس التركي رجب طيب اوغان . وفي ضوء رفض الدعوات الايرانية اطلقت طهران سفنها الحربية إلى خليج عدن ومضيق باب المندب بحجة تأمين الملاحة البحرية الإيرانية في المياه الدولية والمصالح الإيرانية. وبذلك تنشئ إيران وجودا عسكريا قبالة ساحل اليمن حيث تقود السعودية حملة جوية ضد المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران.بحسب تقرير الرياض بوست. فيأتي الرد السعودي سريعا بمنع طائرة ايرانية تحمل معتمرين من دخول مجالها الجوي بحجة عدم حصولها على الترخيص للطيران في السعودية ، وهو ايضا مانفته السلطات الإيرانية مؤكدة أن الطائرة الايرانية مستوفيه كافة الاشتراطات. في الوقت ذاته توصلت القوى العالمية إلى اتفاق مبدئي مع ايران بشان برنامجها النووي وهو ما يثير خوف وغضب دول الخليج ولاسيما السعودية. كل تلك الأحداث تدل على وجود أوراق لكل من طهران والرياض فهل سيصل الأمر إلى حد المواجهة؟ يرى العديد من المراقبين أن السعودية نجحت ولو جزئيا، في صراعها مع إيران وذلك بتدخلها العسكري في اليمن، ومؤخرا نقلها للصراع الإقليمي مع طهران إلى أسواق النفط العالمية، حيث طفت إلى السطح موجة من الخلافات والتهديدات بين البلدين في هذا الجانب. ونقلت وكالات الأنباء عن الرئيس الإيراني حسن روحاني تهديده للدول المسؤولة عن انخفاض أسعار النفط بأنها ستندم بسبب تأثر الخزانة الإيرانية بانخفاض أسعار النفط. إلا أنّ رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" اللندنية عبد الباري عطوان في حوار له مع دويتش فيليه عربية وصف النجاح السعودي بأنه "ضئيل" مؤكدا أنّ إيران تملك أوراقا كثيرة تستطيع أن تفاوض العالم بها، فالخبرة الإيرانية النووية وقدرتها التكنولوجية، ونجاحها في التواجد على الأراضي العربية، ومحاربتها على أرض غير أرضها، مكنها من البروز كقوة إقليمية عظمى، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى التفاوض معها. وأضاف عطوان أنّ ايران استطاعت التوسع في اليمن والعراق وحمت بشار الاسد من السقوط في سوريا، ونجحت في تسليح حزب الله في لبنان كل هذا وهي محاصرة، فكيف لو فك هذا الحصار؟ ". ويؤكد عطوان أنّ القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط أصبحت لتركيا وإيران وإسرائيل، لافتا الي أنّ إيران أصبحت لاعبا رئيسيا في كل من العراق، وسوريا ولبنان والآن في اليمن، في حين أن الدور السعودي ينكمش باستمرار. ويشير أنّ التدخل السعودي في اليمن سيكون بمثابة "انتحار" للقوات السعودية المشاركة. ويسشتهد عطوان على ذلك بأن السعودية وعندما أرادت أن تحارب الحوثيين عام 2009 منيت بخسارة كبيرة، بل واستطاعت القوات الحوثية التوغل داخل أراضي المملكة ولم تتمكن السعودية من دحر الحوثيين إلا بعد ثلاثة أشهر من القصف المتواصل. ويرى عطوان بأن السعودية ودول الخليج قد تلجأ لقصف جوي محدود لأماكن تجمع القوات الحوثية، وذلك لنصرة الرئيس هادي. ويخالفه الرأي رئيس مركز الدراسات الإيرانية العربية الدكتور علي نوري زاده لدويتش فيليه، الذي يؤكد أن السعودية تملك الكثير من الأوراق التي تستطيع توظيفها في مواجهة طهران، مؤكدا أنها تستطيع بعلاقاتها تشديد الحصار على إيران. ويشير زادة إلى أن السعودية تملك نقاط قوة عديدة في مواجهة إيران داخل اليمن، فقربها الجغرافي مع اليمن، وحدودها المشتركة سيمكنها من التدخل العسكري عن طريق قوات درع الجزيرة، فضلا عن وجود عشرات آلاف اليمنيين في السعودية أوجد روابط متينة بين البلدين. ويضيف الخبير الإيراني أنه وبالرغم من الفقر الذي تعانيه إيران والمشاكل الكبيرة في إيجاد فرص العمل للشعب الإيراني، تبذل الحكومة الإيرانية الأموال بغية أهداف سياسية توسعية. وأكد زادة أنّ التدخل الإيراني في اليمن هدفه الوحيد إيذاء السعودية، لافتا الي أنّ السعودية لن تسمح لإيران بإيجاد دولة شيعية في اليمن، الذي يعتبر الساحة الخلفية للبيت السعودي. ويرى زادة أنّ النجاح الإيراني الوحيد كان في لبنان فقط، فحزب الله استطاع أن يكون القوة الحزبية الأكثر نفوذا في لبنان، ووصف النجاحات الإيرانية الأخرى بأنها محدودة. وأوضح زادة أنه في العراق وليس جميع الشيعة في العراق ينظرون بعين الرضا إلى التدخلات الإيرانية في بلدهم ، إلا أنهم يغضون النظر حاليا بسبب وجود قوات تنظيم داعش، فضلا عن أنّ نفوذ إيران في سوريا ينحصر على مناطق نفوذ الرئيس السوري بشار الأسد، ولو سقط بشار فسيختفي هذا النفوذ. وبالرغم من احتدام الصراع بين السعودية وإيران، يرى البعض أن هنالك أطرافا سعودية وإيرانية لا تريد أن تصل الأمور إلى حد المواجهة، حيث وجه كثير من الساسة الإيرانيين ندءات إلى المرشد الأعلى علي خامنئي بغية تلطيف الأجواء مع الرياض، مذكرة إياه بتدخل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في اليمن، والذي فشل هناك بالرغم من الدعم العربي اللا محدود له في تلك الفترة