مع حبس العالم أنفاسه بظل الصراع السياسي الحاد بين إيران والسعودية بسبب إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي، نمر النمر، وما تبعه من حرق لسفارتها في طهران وقطع الرياض للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لوحظ استقرار أسعار النفط عند مستوياتها الدنيا دون تأثر كبير بالأحداث رغم أنها تدور بين اثنتين من أكبر الدول النفطية، فما أسباب ذلك؟
يرى مختصون بأوضاع الأسواق النفطية أن الأزمة نفسها لو اندلعت قبل أعوام لكانت كفيلة برفع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، ولكن هذا السيناريو لم يحصل، فسعر البرميل لم يتجاوز الاثنين حاجز 38 دولارا، قبل أن يعود لينخفض مجددا الثلاثاء إلى 36 دولارا.
وتمتلك السعودية مع إيران مخزونات نفطية تصل إلى 400 مليار برميل، ومعظم تحت الكميات موجودة في حقول قريبة من مضيق هرمز الذي يمكن لأي مواجهة بينهما أن تؤدي إلى تعطيل الملاحة فيه وقطع إمدادات نفطية تقدر بـ17 مليون برميل يوميا عن الأسواق العالمية، ما يعني أن المواجهة الكلامية بين البلدين يفترض أن تشعل قلق الأسواق العالمية.
وقال فيديل غيط، كبير محللي النفط والغاز في مؤسسة "أوبنهايمر" لـCNN: "لا يمكن تحمل حصول ما يعطل إمدادات النفط والغاز في هذا الجزء من العالم.. بحال حصول مواجهة عسكرية فعلية فالأسعار قد تصل إلى 200 دولار للبرميل.
ويرى محللون أن هناك أكثر من سبب لثبات الأسعار وعدم تأثرها بما يحصل، بينها أولا وجود اعتقاد واسع لدى الأسواق العالمية بأن المواجهة بين البلدين لن تصل أبدا إلى مستوى الصراع العسكري المباشر، إلى جانب معطى أساسي آخر يتمثل في شعور الأسواق بوجود بدائل تتمثل في كميات النفط الصخري الهائلة المنتجة بأمريكا والغرب، إلى جانب كثرة المعروض من النفط في الأسواق بظل رفض أوبك خفض إنتاجها.
ويشرح ماثيو سميث، مدير قسم أبحاث السلع الرئيسية في مؤسسة "كليبر داتا" أهمية هذه العوامل بالقول: "كان يمكن للأسعار أن ترتفع إلى أقصى حد لولا مشكلة وجود كميات إضافية كبيرة في الأسواق تعمل كمظلة أمان لها.
إلا إن بعض الخبراء يرون بأن الأزمة الحالية بين السعودية وإيران قد تساعد خلال الفترة المقبلة على تدهور أسعار النفط بشكل أكبر، إذ أن الصراع الحالي سيبدد أي فرصة قائمة لحصول اتفاق بين البلدين ضمن منظمة أوبك على خفض الانتاج، ما يعني أن الكميات الكبيرة التي تنتجها دول المنظمة ستبقى كما هي، بالإضافة إلى توقع زيادة إيران لصادراتها النفطية بعد الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبرى.
لكن الخبراء يتفقون على أن العوامل الجيوسياسية تبقى جديرة بالانتباه ومؤثرة على الأسواق العالمية بحال حصول حرب فعلية بين البلدين الجارين بحيث تقفز الأسعار بشكل قياسي كما قال روب ثومل، مدير المحافظ المالية لدى شركة "تورتوز كابيتال" لاستثمارات الطاقة الذي قال لـCNN: "بحال حصول تعطل فعلي في تصدير النفط فستكون التداعيات هائلة" وفق تعبيره.