2019-11-20 

وفاة رجل كل الفصول

سام الغباري

مات كطيف .. كغمامة ظلت تهطل مزنها الباسم في كل الفصول ، لم يعتريه شتاء أو خريف، كان ربيعي الوجه والقلب ، كريم الصفات ، نبيل الخلق ، ضحوك كأحد الصالحين . إنه والدنا وعمّ أمي "الحاج عامر بن مقبل بن أحمد الغباري" - غفر الله له - 

 

يذوي صامتًا في زمن لم يعد للصمت وظيفة وراء كل هذا الضجيج، لكنه أصبح عادة إحترفها المغفور له ، فأسكن قلبه هدوءً وطمأنينة ، عازفًا عن قلق الحياة وفوضى الفتنة التي تستعر جحيمًا في بلاده .

 

يرى بعينين مثل عينيّ جدّي كل ذلك الخراب الذي ينهار حوله، ويحدث نفسه "أين أنا ؟" ، لم يعد يعرف أي الأوطان تلك التي يتنفس في شوارعها وخلف جدرانها التي تنفث كراهية وانتقام . 

 

مات الرجل الذي كنت أقترب لمصافحته مترددًا ، أتلعثم حين أشعر به يراقب ، أنتظره في عتبة دارنا ، طويلًا مثل نخلة ، ممتلئًا مهيبًا وعطوفًا .

..

يغادرنا أحد الأفذاذ من بقية الرعيل الأول لعائلتنا ، أولئك الذين تملكتهم الطيبة والتسامح، الضحك بقهقهة عالية ، ووراءه ينتحب أولاده ثكالى على أب حقيقي ناصع البياض قلبًا وقالبًا ، كأنما غسلت الملائكة روحه قبل أن تهبه لوالديه في قرية ريفية بأقاصي "الحدا" . كان هكذا مُذ ولد ، مبتسمًا ، تُضحِكُه الطرائف ، وتشده نوادر الفكاهات ، لم يكن منتميًا إلى هذا العالم السفلي ، تحسبه ولد في الجنة وترعرع فيها ، ولم يمت ، بل غادر من حيث جاء .

 

رحمك الله يا عمّنا الكبير ، وألهم زوجتك وأولادك الصبر والسلوان ، وإنا لفراقك يا عمّ لمحزونون .. إنا لله وإنا إليه راجعون 

 

إبنكم الأسيف : سام الغباري

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه