الإطار العام المتفق علية أخيرا حول الملف النووي الايراني حتى بعد انقضاء الفترة الزمنية المتفق عليها مع نهاية يوم ٣١ من مارس ٢٠١٥ يحسب لوزير الخارجية الامريكي جون كيري في استماتته لانقاذ آخر اوراق الربيع في شجرة أوباما التي أتى عليها خريف سياساته الخارجية الفاشلة . و ما التمديد تلو الاخر الا بعد تقدم " احد " أطراف مجموعة 5+1 بضمان حسن سلوك إيران في حال قبول باقي الأطراف بالصيغة المقترحة ، و التي تحمل الكثير من المرونة في بعض جوانبها من حيث القراءات . إلا أن إيران حتى قبل أن يجف حبر تلك المذكرة وجدناها تضع العصى في عجلة العملية الساسية من جديد عبر اشتراطات أهمها " الرفع الكلي و الفوري لكل العقوبات من قبل الامم المتحدة بالاضافة للولايات المتحدة و الاتحاد الاوروبي " ، و ذلك يتنافى جملة و تفصيلاً مع مذكرة الإطار العام المتفق عليها مما قد يعطى الطرف الضامن بعض المساحة للمناورة بين الان و تاريخ الاستحقاق النهائي مع نهاية شهر يونيو المقبل . ما يعنينا كدول جوار لجمهورية إيران الاسلامية هو خضوع الاتفاقية في صيغتها النهاية و بكل تفاصيلها و برتوكولاتها الملحقة لسلطة مجلس الأمن فقط ، هذا اولا ، اما ثانيا ، الإصرار على شفافية الميثاق النهائي و عدم الالتزام بأية صيغ جانية غير معتمدة من مجلس الامن مع طرفا او اكثر في حالة اخلال إيران بالتزاماتها تجاة المجتمع الدولي و دول جواره . إما فيما يتعلق بالمناورات الروسية العصبية مثل تعهدها بتقديم مظلة الدفاع الجوي من فئة 300S المحسنة لايران فذلك امر يجب ان لا يشغلنا عن ما تقدم ، لان دول الخليج العربي لا تحمل نوايا عدوانية تجاة الجمهورية الاسلامية ، و ثانيا لان لدول الخليج العربي القدرة الفاعلة على التعاطي الفاعل مع تلك المنظومة لو اقتضت الحاجة لذلك . التحدي المقبل و الحقيقي لذلك الاتفاق ليس في مصادقة برلمانات دول 5+1 المفاوضة لايران حول ملفها النووي بل في من سيبقى من تلك الدول في تلك المجموعة في حال تراجع ايران عن إتمام الاتفاق بعد ان استنفذ الرئيس الامريكي كل ما تبقى من رصيدة السياسي للتوصل لذلك الاتفاق . فإيران كان المنتصر الأكبر منه معنويا و سياسيا لا العالم ، و و ان ذلك الاتفاق جاء على حساب باقي الشركاء في المجموعة المفاوضة لها و على رأسها الدول الأوروبية تحديدا ، مما سوف يدخل العملية و المجموعة في نفق " من سيبقى منها " في حال أن تراجعت ايران عن تعهداتها ، و هل سيستتبع ذلك انتقال الملف النووي الايراني إلى مجلس الامن مرة اخرى مما سوف يخدم ايران و شركائها ( روسيا و الصين ) سياسيا و اعلاميا فقط . المصلحة الاستراتيجية اقتضت اتفاق الولايات المتحدة و اوروبا على ضرورة تفكيك اوروبا الشرقية تمهيدا للقضاء على الاتحاد السوفيتي مما سهل عليهم لاحقا احتواء الطموح الروسي في اكثر من بقعة ساخنة من البلقان الى القرم ، و المصالح الاستراتيجية توجب " اتفاقهم " اليوم كذلك على ضرورة عدم القبول بتفكك دولة بحجم إيران تمتد من بحر قزوين الى باكستان جنوبا ، مما سوف يفتح الباب واسعا امام روسيا و الصين لاستثمار الوضع سياسيا لخدمة مصالحها بالتمدد غربا ، بل و الوصول إلى ضفاف الخليج العربي الشرقية دون عناء أو مقاومة تذكر . فايران الان غير مستقرة اجتماعيا و سياسيا ، و أن حجم ما ينضح من تصاعد الحراكات القومية داخليا من بلوشستان إلى الأحواز قد ينتقل الى دولاً اخرى مجاورة بما فيها باكستان . مصالح دول الخليج العربي اكثر اتساقا و تلاقيا مع الاتحاد الاوروبي منها مع الولايات المتحدة الآن ، و الحلفاء الأوروبيون كانت لهم مواقف اكثر تفهما لمصالحنا بخلاف المواقف الامريكية من سوريا الى الملف النووي الايراني . أضف إلى ذلك ولادة أحلاف اقتصادية و دفاعية مثل التحالف الياباني الهندي ، مما يضعنا الان في موقع همزة وصل استراتيجي يجب ان يفعل لخدمة مصالحنا أولا ، و تلك هي الرسالة الواجب ايصالها للرئيس اوباما من قبل قادة الخليج عند الاجتماع به في كامب ديفيد .