بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية لأول مرة في تاريخها عن إنشاء كيانين يتوليان شؤون السياسة والاقتصاد، بدأ العمل الفعلي من خلال اجتماعين هامين احتضنهما مقر الديوان الملكي في العاصمة الرياض، الأول كان لمجلس الشؤون السياسية والأمنية، والثاني لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وعقد مجلس الشؤون السياسية والأمنية اجتماعه الأول، الأربعاء، في الديوان الملكي بالرياض، برئاسة ولي ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي ناقش آليات عمل المجلس وعدداً من الموضوعات المتعلقة بالشؤون السياسية والأمنية بما في ذلك تطورات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية. وينظر لهذا المجلس، الذي يرأسه أمير عرف بدوره المحوري في مكافحة الإرهابـ، على أنه غرفة العمليات السياسية التي سيكون لها دور كبير في صياغة توجهات المملكة إزاء الأحداث الخارجية مستقبلاً، فضلاً عن الدور الأمني المنوط به داخل البلاد التي تتعرض لتهديدات غير مسبوقة في تاريخها. وأكد الأمير محمد بن نايف خلال الاجتماع على توجيه الملك برفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق - تفاديا للازدواج وتحقيقا للأهداف المرسومة - بما يؤدي إلى تكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات، وبما يواكب التطورات والمتغيرات المتسارعة التي طرأت على مختلف المجالات. وهذا يعني أن المجلس ستكون له سلطة حتى على قرارات السياسة الخارجية. أما المجلس الآخر الذي يعلق عليه السعوديون آمالاً كبيرة، فهو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، الذي عقد اجتماعه الأول تحت رئاسة وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي أكد في بداية الجلسة أن "الملك سلمان بن عبد العزيز، حريص على رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق". وقال الأمير محمد إن "صدور قرار الملك سلمان بإنشاء مجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية تأكيد على استمرار مسيرة التنمية والبناء، التي تنتهجها قيادة المملكة العربية السعودية، وللاضطلاع بدورها في ترتيب كل ما له صلة بالشؤون الاقتصادية والتنموية وما في حكمها، بما تقتضيه المصلحة العامة بالخير على البلاد والعباد، وكذلك حرص خادم الحرمين الشريفين على رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق - تفاديا للازدواج وتحقيقا للأهداف المرسومة - بما يؤدي إلى تكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات، وبما يواكب التطورات والمتغيرات المتسارعة التي طرأت على مختلف المجالات". وناقش الاجتماع الأول عددا من الموضوعات ذات الصلة بالشأن الاقتصادي والتنموي وآليات عمل المجلس والرقي بمستوى الخدمات التي تقدم للمواطن، حسب بيان رسمي. وبهذين المجلسين يبدو أن المملكة قررت إعادة اختراع بنيتها الإدارية لتتواكب مع التحديات التي تواجهها داخلياُ وخارجياً، حيث تواجه تحديات البطالة، وارتفاع مستوى تكلفة المعيشة، إضافة إلى التهديدات السياسية الخارجية، وحالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة منذ سنوات. ولعل هذه البنية الإدارية الجديدة قد تسهم بشكل كبير في زوال حالات الازدواج في صنع القرار السياسي أو الاقتصادي، التي تمر بها البلدان الكبرى عادة، ويفتح الباب أمام خطوط بعيدة المدى لصياغة وجه المملكة مستقبلا.