أعلنت وكالة الأناضول التركية، بعد ظهر الاثنين الموافق 13 أبريل 2020، أن السلطات السعودية حجبت موقعها الإلكتروني، وادعت في بيان قدرًا كبيرًا ومزعومًا من المظلومية في استغلال سافر لتعاطف من يدري ومن لا يدري مع أي وسيلة إعلامية سواء اطلع على انحراف أدائها عن جادة الصواب أو لم يطلع على شيء.
في هذا التقرير تكشف الرياض بوست غيضًا من فيض وقطرةً من بحر أخطاء الأناضول بحق المملكة، وهي الأخطاء التي لم يتطرق إليها بيانها من قريب أو بعيد إمعانًا في التظاهر بدور الضحية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، جاءت الأناضول بمن تصفه بمحلل العلاقات الدولية والمستشار السياسي، وهو، في واقع الأمر، لا يفلح إلا في لَيّ عنق الحقائق وإفساد العلاقات الدولية، ولا يتقن سوى المغالطات المكشوفة أو أنه مغيب تمامًا، أما عن لغة "التحليل" فحدث ولا حرج، أقل ما توصف به أنها نموذج حي لمقال ركيك ومدفوع الأجر لقلم اعتاد أن يكتب ما يملى عليه.
لأن الأمور بخواتيمها، فمن الواضح أن سوق النفط العالمية اتجه، في نهاية المطاف، إلى المربع الذي أرادته المملكة العربية السعودية برؤيتها الاستراتيجية، وهذا ما أكده خبراء النفط في تقرير لموقع World Oil، ترجمته الرياض بوست، أوضح التقرير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دفع ثمنًا باهظًا نتيجة دخوله في حرب أسعار مع السعودية.
وتابع التقرير: " كان اتفاق فلاديمير بوتين مع أوبك لخفض إنتاج النفط وزيادة الأسعار قبل ثلاث سنوات انتصارًا للزعيم الروسي، مما عزز نفوذه على المسرح العالمي. لكن عليه الآن تقديم تنازلات كبيرة بعد تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب الأسعار بين الرياض وموسكو."
وقال مصدران مقربان من الكرملين: "وسط ارتياح في موسكو للاتفاق غير المسبوق مع المملكة العربية السعودية والمنتجين الرئيسيين الآخرين لخفض إنتاج النفط، يمثل هذا الاتفاق انتكاسة مؤلمة لروسيا".
فما علاقة وكالة الأناضول بذلك؟
قبل 4 ساعات فقط من حجب الموقع الإلكتروني، عنونت الأناضول: " تحليل - السعودية تخسر حرب النفط. قد تفقد حليفها الغربي الوحيد أيضًا". وعلى طريقة دس درهم حق في قنطار من الباطل، ووفقًا لسياسة ممنهجة في نشر المغالطات والمعلومات المضللة، تجاهلت الوكالة التركية مغبة رفض تلبية المطالب السعودية لمضاعفة تخفيضات الإنتاج قبل خمسة أسابيع فقط، يبدو أن إعلان خسارة في أي مجال مصدر سعادة للقائمين على وكالة الأناضول أياً كان السياق، ومهما حمل هذا الادعاء من أباطيل بغض النظر عن الحقائق، فالعنوان الذي استخدمته الوكالة فيما وصفته، عن طريق الخطأ بـ"التحليل" ليس سوى عنوان معلّب وجاهز للاستخدام في أي وقت وفي كل مناسبة.
لا حاجة للرد على إفك الأناضول على الإطلاق ولكن لغة الأرقام تفرض نفسها على كل مهتم بأسعار النفط، ففي نهاية المطاف، وافقت روسيا، في قرار ينم عن شعور عميق بالمسؤولية على خفض أكثر من 2.5 مليون برميل يوميًا من الخام من 11 مليونًا من الخام الروسي الذي تضخه موسكو يوميًا، أي أكثر مما كانت السعودية ملزمة بخفضه في مارس.
وقال أندريه كورتونوف، مدير إحدى الشركات الروسية، إن القرار المشؤوم بمواجهة السعودية في أوائل مارس كان "خطأ استراتيجيًا، ونحن الآن ندفع الثمن، وهو ثمن أعلى بكثير مما كان يمكننا دفعه في السابق".
وإذا تم تنفيذ التخفيضات، فسوف ينخفض إنتاج روسيا للشهرين المقبلين إلى المتوسط السنوي الذي تم تسجيله آخر مرة في عام 2003 وفقا لبلومبرج .
ووافقت روسيا على مواصلة تخفيضات بمستويات أقل حتى مايو 2022، على الرغم من أنها تمكنت من التمسك بامتياز وحيد عن طريق الإبقاء على المكثفات، وهي وقود خفيف، خارج حصص التحفيضات.
وقال مسؤول روسي رفيع المستوى إن موسكو لم تتوقع التأثير المدمر لوباء فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي عندما انسحبت من الاتفاقية مع منظمة البلدان المصدرة للبترول وعدد من المنتجين الآخرين، و المعروفة باسم أوبك+.
وأضاف إن الحفاظ على هذا التحالف كان سيمنع انهيار الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين تقريبًا. وذكر مسؤول آخر مقرب من الكرملين أن قرار التنازل عن تخفيضات الإنتاج الخام أمر مؤلم لصورة بوتين السياسية، لكنه ضروري كخطوة نحو التغلب على الأزمة.
لا يوجد خاسرون، هناك فائزون فقط
تشمل الاتفاقية النهائية، التي تتوقع رفعًا تدريجيًا لقيود الإمداد بدءًا من يوليو، جميع شركات النفط الروسية الكبرى بإلتزام شخصي من الرئيس فلاديمير بوتين. ودافع ديميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين عن الاتفاق الجديد يوم الجمعة، قائلا "لا يوجد خاسرون، هناك فائزون فقط". هذه العبارة الأخيرة تتطابق مع وجهة النظر السعودية المعلنة للعالم، فالرياض لا تهتم بأن يكون لأي معركة فائز وخسائر، انطلاقًا من مسؤوليتها تجاه الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو من المبادئ التي تأسست عليها المملكة العربية السعودية. ويبقى سؤال: عن أي خسارة تتحدثين يا وكالة الأناضول؟