عندما اعتذرت المملكة عن مقعدها في مجلس الأمن أكتوبر 2013، قال البعض إن هذه الخطوة تضر ولا تنفع. واليوم أثبتت المملكة أن فرض القرار يحتاج لقوة لا لمقعدٍ، وهي بذلك انتصرت مرتين، مرة يوم اعتذرت عن مقعدها وسجلت موقفاً ضد المجلس، ومرة يوم فرضت مشروعها بشأن اليمن. بالأمس حققت الدبلوماسية السعودية نجاحاً يوازي نجاعة عاصفة الحزم، واستطاعت انتزاع موافقة القوى الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن والأعضاء الآخرين، تحت البند السابع، أكثر بنود ميثاق الأمم المتحدة جدلاً وحساسية، على قرار يدعو الانقلابيين الحوثيين إلى الانسحاب من المواقع التي يحتلونها. القرار في مضمونه مهم للغاية، فالانقلابيون الحوثيون فشلوا، وزعيمهم عبدالملك الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ونجله أصبحوا عملياً ممنوعين من السفر خارج اليمن، وتم تجميد أصولهم المالية، ويشدد الخناق عليهم ويدفع بالموالين لهم ،الانصراف عنهم، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الأرض. إذ وقبل الموافقة على هذا القرار بدأت تتوالى تأييدات الألوية في مختلف المواقع العسكرية، للشرعية المتمثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي. القرار شكل ضربة موجعة لإيران التي تدعم الانقلابيين، وبدت مثيرة للشفقة وهي تستبق التصويت بطرح مبادرة لإنهاء الأزمة في اليمن، ووجدت نفسها في مرمى النار بعد أن فرض المجلس حظراً على تزويد الحوثيين وحلفائهم بالسلاح، إذ أن من شأن القيام بأي محاولة لإدخال أي قطعة سلاح أن يضع طهران تحت طائلة المسؤولية كمخالفة للقرار الدولي، الذي أبقى على الحل السياسي وباب الحوار مشرعاً لمن أراد السلم وصدقت نواياه وأفعاله. جاء القرار ليثبت نفاذ بصيرة سياسة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أخذ المبادرة لبدء عملية عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية وإرساء دعائم الأمن الاقليمي، ولقطع دابر العابثين، وليثبت قدرة المملكة والدول العربية على اتخاذ مواقف متقدمة لحفظ أمنها وصيانة أراضيها. برهنت المملكة اليوم أنها القوة الاقليمية، فبعد أن شكلت تحالف عاصفة الحزم هاهي اليوم تفرضها قراراً دولياً. *نقلاً عن "الرياض"