الإعلام السعودي وما أدراك ما الإعلام السعودي. لعقود ليست بالقصيرة سجل الإعلام السعودي من خلال القنوات الرسميه الحكومية نجاحات وإخفاقات متفاوتة. فعلى سبيل المثال نجح الإعلام السعودي في فترة التسعينيات وبدايات الألفية بردع ادعاءات الفئة الضالة التي استهدفت القيادة ووحدة الوطن والإخلال بثوابت العقيده الإسلامية.
وفي المقابل "إلى حد ما" أخفقت توجهات الإعلام في تقديم النموذج الشامل للشعب السعودي أو بالأصح تقديم جميع شرائح المجتمع بشكل عادل ومتساوي. ولو عدنا إلى السنوات القليلة الماضيه مع تطور استخدام التطبيقات في الهواتف النقاله لوجدنا بعض المسؤولين استعان بما يطلق عليهم مصطلح “مشاهير السوشل ميديا” بمثابة قنوات اتصال للوصل إلى أكبر شريحة ممكنه من الجمهور بدلا من القنوات الرسمية الحكومية. هل يعلم المسؤول أن تلك الممارسات قد تسبب تأثيرات سلبية على المستويين الحكومي والمجتمعي. على مستوى المؤسسات الحكومية فلذلك تأثير في عدم تفعيل القنوات التي توفرها الدولة للجهات والأجهزة الحكومية. وتلك الممارسات تضعف من دور الأجهزة الحكومية في تعزيز الرسائل السامية التي تهدف إلى إيصالها للمتلقي وترسيخ هذه القنوات كمصدر رئيس معتمد للوطن والمواطن. وبالنسبة للمستوى المجتمعي هنا يجد المتلقي نفسه في حيرة التفريق بين المسوق لسلع تجارية والناقل للمعلومات التي تصدر من جهات حكومية من خلال مشاهير السوشل ميديا وهم في الغالب مسوقين لمنتجات متنوعة.
ولأهمية المعلومات الحكومية التي تتضمن إرشادات أو تعليمات مهمه جدا للمتلقي فيجب على المسؤول استخدام وتفيعل القنوات الرسمية الحكومية كوسيلة اتصال أساسية لتعزيزها من عدة محاور، على سبيل المثال لا الحصر الثقة وجودة المعلومة. وهنا أود أن أُشير إلى النجاح الإعلامي الباهر الذي حققته وزارة الصحة بإستخدام القنوات الرسمية لتوعية المتلقي بالإعتماد على تحليل البيانات الصحية، وبالتنسيق مع الجهات المعنية مثل النيابة العامة لوقف الإشاعات التي تؤثر على صحة الإنسان كذلك وزارة الداخلية في تنفيذ أوامر القبض على مثيري الشائعات.
وهذا دليل قاطع يدل على أن العمل الحكومي ينجح بشكل كلي وليس جزئي كما لو كانوا يتعاملون وفق منظور الأواني المستطرقة بالتناسق في حجم المسؤولية بين جميع الأطراف المعنية. أي أن الوزارات والمنظمات التابعة لها تعمل في منظومة متكاملة وفاعلة تدعم بعضها البعض لتحقيق الهدف المنشود للإرتقاء بجودة حياة الإنسان في المملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة لتتناغم مع تطلعات الدولة.
وبتأكيد كل ماسبق ذكره يقودنا إلى السؤال المهم ألا وهو - هل من الممكن أن تثير تجربة وزارة الصحة الإعلامية الناجحة انطلاق مجموعة أفكار تطويرية مثل إلغاء وزارة الإعلام والإبقاء على الهيئتين هيئة الاذاعة والتلفزيون والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع (مع إمكانية خصخصة هيئة الإذاعة والتلفزيون) بالإضافة لوكالة الأنباء السعودية، وإنشاء هيئة تدريبية تخصصية تضم منصات إعلامية للتعاون مع الإعلام الداخلي حسب طبيعة العمل والصحة مثال ساطع قد أثبت نجاحة بتعاون الوزارات المعنية في ذلك، والإعلام الخارجي بالتنسيق مع وزارة الخارجية.
هل آن الأوان لأن نُفرق بين الإعلامي والصحفي وكاتب الرأي؟ هل آن الأوان لإعادة صياغة الفكر الإعلامي؟ هل كانت التجارب السابقة من ضمن استراتيجيات لمدة زمنية معينة أو أنها ردود أفعال مؤقتة للأحداث؟. فرصة توقف العالم أجمع بسبب جائحة كرونا قد تكون من الفرص العظيمة التي لن تتكرر لإعادة هيكلة الإعلام السعودي ووضع استراتيجيات بالتعاون والانسجام مع الوزارات المعنية وخاصة وزارة الثقافة للمشاركة في العملية التوعوية والتثقيفية لتتوافق مع الطموح الأمني والإقتصادي والثقافي والتعليمي والصحي والترفيهي والسياحي إلخ.
الاستراتيجيات لا تقف عند الحصول على المعلومة ونشرها بل تتجاوز ذلك إلى ما بعد نشر المعلومة وفهمها من قِبل المتلقي. الأحلام والآمال تسير بالتوازي مع الرؤية والجهود المباركة من لدن الرمز خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز وعرابها سمو ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان.
قد تكون المقالة متداخلة نوعا ما بذكر أكثر من وزارة وهي أشبه ما تكون مثل تداخل مهام الوزارات الموقرة.
**عضو هيئة تدريس في جامعة برونيل لندن، المملكة المتحدة