للمرة الثالثة منذ هبوب عاصفة الحزم يخرج السيد حسن نصر الله في تكرار مبرمج لهجومه وتجاوزاته وإساءاته ضد السعودية. الوسيلة لم تتغير والغاية ذاتها، المتغير الوحيد في الخطاب الأخير أنه لم يعد هناك سقف أعلى يضبط سيد حسن، لا سياسيًا ولا أخلاقيًا ولا حتى قانونيًا. هذه المرة لم يكتفِ بالهجوم على السعوديين بأكملهم كعادته، بل عاد قرونًا من الزمان ونبش الماضي ليضع طائفة بأكملها في دائرة الخيانة. يا إلهي.. من يفتخر بأنه جندي في ولاية الفقيه يخون ويحرض ويهدد! سيد حسن بدأ يدرك جيدًا أن مزاج جمهوره بأكمله ليس معه في معركته التي يريد جر اللبنانيين إليها ضد السعوديين كشعب والسعودية كبلد، لا يهمه المواقف المتطرفة والحفلة الشتائمية التي يتراقص لها ويزعم أنها آراء، حتى لو هزت استقرار لبنان وأساءت لعلاقته مع دولة صديقة، لا يهمه أن تصل بلاده، لبنان وليس إيران، إلى حافة الهاوية بتأزيم العلاقات مرة تلو أخرى، وكأنه لا يكفيه تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية مثلاً. خطابه في حقيقته موجه لجمهور حزب الله في عملية استنهاض طائفية لا يبدع فيها إلا سيد حسن، لاحظوا كيف بلغ الفُجر في الخصومة والتحريض الرخيص بقوله إن «الحرم النبوي في خطر من داخل السعودية، والفكر والثقافة الوهابية، وكتب التاريخ تشهد على ذلك»، لا يهم سيد حسن النفخ في فتنة طائفية بين المواطنين اللبنانيين، سنتهم وشيعتهم، وتأجيج المذهبية بينهم. ما يهمه فعلاً عدم خسارة مكانته لدى قائده الأعلى السيد علي خامنئي، فليهنأ بذلك سيد حسن نصر الله خامنئي. مشروع سيد حسن خامنئي في لبنان فشل في أن يضع الشيعة اللبنانيين في السلة الإيرانية، كما يخطط ويسعى السيد المرشد الأعلى، وهو أمر لم ينجح فيه نظام طهران منذ تأسيسه، لا في لبنان ولا في غيره من البلدان العربية، وإذا نجحت إيران في اختراق مجموعات منهم، فإن الغالبية من الشيعة العرب، لا الشيعة الفرس، حتى هذه اللحظة، ترفض أن تنساق خلف المشروع الإيراني الطائفي، ومع ذلك فإيران لا تكل ولا تمل في مساعيها عبر عميد وكلائها سيد حسن خامنئي الذي يتصدر بتميز المشهد العام بتحريض مذهبي لا ينازعه فيه أحد. قلت هنا في مقال سابق، إثر بث خطاب لسيد حسن خامنئي في التلفزيون الرسمي اللبناني، إن الحكومة اللبنانية لا تقوم بما يكفي من الأفعال لتأكيد حرصها على علاقاتها مع دولة مؤثرة مثل السعودية، وفعلاً مر موضوع بث الخطاب مرور الكرام، حتى الاعتذار الخجول الذي قدمه وزير الإعلام تراجع عنه لاحقًا، معتبرًا أنه لا يمثل الحكومة بل هو اعتذار شخصي. الآن وسيد حسن خامنئي يتهجم على السعودية برموزها وشعبها ويحرض عليهم بعبارات مسيئة يعاقب عليها القانون اللبناني، نخطئ كثيرًا إذا عولنا على الحكومة اللبنانية بوقوفها مع مصلحة مواطنيها ومنع تعكير علاقاتها مع السعودية، أيضا ستتفرج هذه المرة على الإساءة غير المسبوقة من سيد حسن خامنئي، وبالتأكيد لا تستطيع الحكومة أصلاً مساءلته، فالميليشيا التي يسيطر عليها تجعله فوق القانون. السعودية التي تحرض عليها المسلمين يا سيد حسن، قدمت في يوم واحد 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن. السعودية التي تشتمها وتسيء إليها يا سيد حسن خامنئي دعمت اليمن منذ عقود طوال ولم تنظر للأمر يومًا بطائفية. قل لنا، ما دمت تفاخر بأنك جندي في ولاية الفقيه: ماذا قدمت إيران لليمن غير الدسائس والأسلحة التي دمرت اليمنيين؟! *نقلاً عن "الشرق الأوسط"