العمق والبساطة والأصالة ثلاثية إبداع جاهين

للمرة الأولى منذ 30 عامًا يصدر كتاب يتناول رباعيات صلاح جاهين كدراسة علمية ويركز على جمالها وهذا ماأصدره دكتور حسن يوسف طه أستاذ الفلسفة وعلم الجمال في أكاديمية الفنون في القاهرة. ويستعرض دكتور طه في كتابه (جماليات الإبداع عند صلاح جاهين) نماذج من نتاج الأدبي الشاعر والفنان المصري الراحل صلاح جاهين ومركزا على ما يعرف بمصطلح "الرباعيات الشعرية" عنده. ويرى الدكتور طه أن جاهين "كان قادرا على أن يصل للأعماق والإبحار إلى أقصى درجة من درجات العمق في الذات والبحر الإنساني ... وقادر على أن يطفو إلى السطح الظاهر ليرى كل الأشياء." جاء كتاب حسن يوسف طه في 244 صفحة صغيرة القطع صغيرة الحروف نسبيا. وقد صدر ضمن سلسلة (كتاب الهلال) في القاهرة وكتب عبد الستار إبراهيم مقدمته. وحمل الفصل الأول من الكتاب عنوان (الجمال متألقا) وضم عناوين أساسية دالة على المحتوى ومنها (الرباعيات وجمال الإبداع .. الرباعيات .. العمق والحداثة .. المنحى الفلسفي في الرباعيات .. التأملات في الإنسان والحياة والشوارع والموت). و نجد في الفصل الثاني من الكتاب وعنوانه (الوطنية العمق والدلالة) موضوعات أساسية ذات عناوين دالة وهي (صلاح جاهين والرومانتيكية الوطنية .. رومانتيكية الحلم بالوطن .. جاهين والناصرية ‘من التفاؤل إلى التشاؤم‘ .. جاهين والأغنية الوطنية). وينقل المؤلف عن الشاعر جابر بسيوني في فصل بعنوان (صلاح جاهين .. حياته .. وتسكعه .. وإبداعه) قوله إنه على الرغم من تفوق جاهين في كل أنواع الفنون التي تعاطاها "فإن اسمه كشاعر كاف لأن يجعله واحدا من أبدع شعراء القرن العشرين في مصر وواحدا من أهم شعراء الإنسانية في العالم نظرا لما قدمه من إبداع شعري إنساني صادق وجديد ومعبر عن روح إنسان العصر وقضاياه." ويقول جاهين في الحديث عن النزعة الرومانتيكية في الرباعيات بسمة الحزن. "يا حزين يا قمقم تحت بحر الضياع ...حزين أنا زيك وإيه مستطاع الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع ...الحزن زي البرد زي الصداع .. عجبي." وتحت عنوان (المنحى الفلسفي في الرباعيات .. السؤال والدهشة) وينقل الكاتب عن جاهين الذي كتب باللغة المصرية العامية كما كتب بالفصحى قوله "نظرت في الملكوت كتير وانشغلت .... وبكل كلمة ليه؟ وعشان إيه؟ سألت أسأل سؤال... الرد يرجع سؤال ... وأخرج وحيرتي أشد مما دخلت .. عجبي." ويختصر المؤلف بعض سمات شعر الشاعر بكلام قليل فيقول "العمق والبساطة والأصالة ثلاثية الإبداع." ويضيف في عنوان فرعي آخر أن "من جمالية الفن القدرة على التجاوز." أما الخلاص عند جاهين في الحب والحب وحده. يقول جاهين: "بحر الحياة مليان بغرقى الحياه ... صرخت خش الموج في حلقي ملاه قارب نجاة! صرخت قالوا مفيش ...غير بس هو الحب قارب نجاة .. عجبي." ويختصر نظرة عميقة لجاهين إلى الحياة والعزاء فيها في قوله التالي "إيه العمل في الوقت ده يا صديق ...غير إننا عند افتراق الطريق نبص قدامنا ..على شمس أحلامنا ... نلقاها بتشق السحاب الغميق وارجع واقول لسه الطيور بتفن ...والنحلايات بتطن والطفل ضحكه يرن ...مع إن مش كل البشر فرحانين." وفي الخاتمة يلخص حسن يوسف طه بعض سمات جماليات الفن عامة وفي نتاج صلاح جاهين في العناوين التالية (القدرة على الاسترجاع .. قدرة الاستنطاق والاستبعاد .. قدرة مواجهة النسيان .. قدرة نقل الواقع وتجاوزه .. قدرة الرؤية والمخاطبة). يذكر أن محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي المعروف باسم صلاح جاهين الشاعر ورسام الكاريكاتير والممثل المصري اليساري الفكر ولد في شبرا في القاهرة في 25 ديسمبر سنة 1930 وتوفي في 21 أبريل .1986.