2015-10-10 

الملك يتصدى للعنصرية

عبد الرحمن اللاحم

< خلال أسبوع واحد أرسلت القيادة السعودية ثلاث رسائل شديدة الوضوح، بشأن التعاطي مع ملف بالغ الحساسية، وهو الخطاب العنصري، سواء أكان طائفياً أم عرقياً، إذ كانت الرسائل حاسمة وحازمة؛ بأن الدولة ستقف بقوة ضد أية ممارسات عنصرية، تنال من لُحمة هذا البلد المؤسس على فسيفساء مختلفة من الأعراق والمذاهب، وحَّدها المؤسس -رحمه الله- تحت راية واحدة، فأصبح هذا الوطن سقفاً وأرضاً لكل من حمل هويته بغض النظر عن أية تفاصيل هامشية أخرى. الرسالة الأشد وضوحاً وصرامةً جاءت من أعلى سلطة في الدولة، وهو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ حين أصدر أمره بمنع الأمير ممدوح بن عبدالرحمن من المشاركة في جميع الأنشطة الرياضية، وأيضاً من المشاركة في جميع وسائل الإعلام الحكومية المسموعة والمرئية والمقروءة؛ على إثر تلفظه بعبارة عنصرية ضد الأستاذ عدنان جستنية في برنامج تلفزيوني، وجاء الرد بشكل عاجل من الملك بهذا القرار الذي يؤكد أن اللحمة الوطنية خط أحمر، لا يمكن السماح بتجاوزه، بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، قد يظن بعضهم أنها تجعلهم في دائرة مميزة، يقولون ما يشاؤون بلا محاسبة. وفي السياق ذاته و(الهدف) جاء قرار وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بشأن تغريدة لأحد العسكريين، هدَّد فيها سكان القطيف بعبارات طائفية نتنة؛ بإحالة ذلك العسكري إلى التحقيق ومحاكمته محاكمة عسكرية في حال ثبوت تلك التغريدة ونسبتها إليه، فالقرار جاء بشكل سريع؛ لأن الوضع لا يسمح بالتراخي مع مثل تلك الممارسات التي قد تتزايد إذا لم تُواجَه بصرامة وحزم، ولاسيما في أجواء المواجهة مع مليشيا الحوثي الذي يريد بعضهم أن يستغلها؛ لتصفية حساباته الطائفية وتقيؤ هذا الهراء الذي ينال من وحدة الوطن وتماسكه. الرسالة الأخرى جاءت من وزير التعليم الذي أمر بفتح تحقيق في واقعة نقل معلمة، يعتقد بأن سبب نقلها كان بسبب تحريض طائفي بغيض من إمام مسجد غرَّد عنها، ودعا إلى نقلها من مدرستها بسبب أنها لا تشبهه مذهبياً، ويبدو أن بعض البيروقراطيين الخانعين لتلك الفئة استجاب لهم، فنُقلت لهذا السبب، وننتظر نتائج التحقيق لنرى رد الفعل من الوزارة، التي يفترض ألا تكون أقل من رد فعل القيادة العليا للدولة المتمثلة بالملك سلمان بن عبدالعزيز. فمن لا يعي خطورة الخطاب الطائفي والعنصري على اللحمة الوطنية من القيادات الإدارية لا يستأمن على إصدار القرارات الإدارية المتعلقة بالموظفين المغايرين له في مذهبه أو قبيلته. أتمنى أن تتوج تلك الخطوات بإصدار نظام الوحدة الوطنية الذي ينص صراحة على تجريم الممارسات العنصرية كافة، سواء أكانت على أساس طائفي أم مناطقي أم قبلي أم على أساس الجنس؛ حتى نؤسس لأرضية قانونية صلبة؛ لمواجهة هذا الداء الذي تراخينا كثيراً في مواجهته والتصدي له.. فمتى وُجدت القاعدة القانونية المجرمة لتلك الممارسات سيحسب العنصريون ألف حساب لكل كلمة أو تغريدة يكتبونها، فمن لم يتعلم من مدرسته أو بيته نبذ العنصرية واستهجانها فالقانون سيتطوع بتعليمه ذلك إذا ما طُبق القانون على الجميع بلا استثناء لأحد من أحكامه مهما علا شأنه أو كثرت ألقابه. *نقلا عن "الحياة"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه