في المملكة الحرب على الإرهاب معركة حياة ووجود، وهي مسؤولية المواطن قبل أي شيء آخر، فهو المعني بالحفاظ على أمنه وأمن بلاده، فالمنطقة التي نعيشها هي منطقة براكين حقيقية ليست براكين باطن الأرض بل أشد فتكاً منها، فأينما توجهت بنظرك في الجوار تجد ما لا يسر.. إذن المطلوب هو تحصين هذا البلد، والتكاتف من أجل دحر هذا الفيروس المميت قبل أن يخترق مجتمعنا ويشوّه ديننا الحنيف وبلادنا حيث ننعم بالأمن والإيمان. وجّهت المملكة ضربة ساحقة هذا الأسبوع لتنظيم "داعش" هي الثانية خلال عام واحد، ففي مايو العام الماضي قبضت الجهات الأمنية في المملكة على 62 إرهابياً، واليوم أثبتت المؤسسة الأمنية أمام كل الاستحقاقات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية قدرتها على درء محاولات إغراق بلاد الحرمين في الفوضى وزعزعة أمنها، إذ جاء إعلان وزارة الداخلية مساء أمس عن القبض على 93 إرهابياً قاصماً لتنظيم "داعش" ومن يقف وراءه، والذي يتخذ من أدوات القتل وإراقة الدماء منهجاً وعقيدة لا تمت للدين الإسلامي المُعظم لحرمة الدم والعِرض بأي صلة. تشير تواريخ القبض على الخلية الأولى أنها جاءت بعد حوالي ستة أشهر من القبض على خلية "مايو"، وهذه دلالة أن الجهاز الأمني في المملكة متيقظ ومستمر في حربه على هذه الفئة دون كلل أو تقاعس، وتوضّح الطبيعة الدموية لهذا التنظيم سعيه للعمل على ثلاثة مسارات: استهداف رجال الأمن لخلق بلبلة داخل القطاع الأمني.. وإثارة فتنة طائفية تشعل من خلالها حالة الانتقام بين مكونات الشعب.. واستهداف المجمعات السكنية ومن خلاله تتزعزع ثقة المواطن في المؤسسة الأمنية.. وهو باتباع ذلك الأسلوب يرغب في محاكاة ما يحدث في العراق وسورية ومواقع الاضطراب في العالم العربي، وتصديرها إلى المملكة، التي تراقب عن كثب تحركات تلك الفئات التي تمكّن الشر في نفوسها، فلم تعد ترغب إلا في إزهاق أرواح الأبرياء. إن الخلفية التي ينطلق منها أفراد تلك الجماعات توحي بحالة اضطراب سلوكي عاشها من ينتمون لتلك الفئة، فالكشف عن خلفيتهم يشير إلى ماضٍ يتسم بالفشل والجريمة والانحراف مع تاريخٍ لا يمت للاتزان والعقل بشيء، وقد وفّرت التكنولوجيا مجالاً خصباً للقدرة على التواصل الشبكي والتواري عن الأنظار ما يتيح ويمكّن من خداع المتلقي والمتصفح لتلك المواقع أو المعرّفات والإيقاع بهم، لكن المؤسسة الأمنية في المملكة مدركة تماماً للأساليب التقنية التي سخّرتها تلك الفئات من أجل الاستقطاب أو الترويج للأفكار التكفيرية المنحرفة. بقدر ما سعى هؤلاء المجرمون لضرب أمن البلاد؛ بقدر ما عزّز القبض عليهم روح المواطنة والشعور بالفخر للانتماء لهذه البلاد التي تقف شامخة في زمن الانهيارات. *نقلاً عن "الرياض"