ظهر بشار أخيرا، أمام الجمهور، والهدف رفع الروح المعنوية، بعد هزائم قواته في الشمال والجنوب هذه الأيام، ليس من قبل «داعش»، بل فصائل أخرى، شطر كبير منها ينتمي للمعارضة المعتدلة. في محاولة، قد تكون متأخرة، يريد الرجل الذي قضى تفكيره على تدبيره، أن يصور الأمر على غير صورته، كعادته دومًا، وأن يهون من وقع الهزائم المتتالية عليه وعلى حزب الله اللبناني، على الحدود السورية اللبنانية. هل فات الوقت عليه؟ ربما من المبكر قول هذا، فما زالت بنية النظام الطائفي العائلي المافيوي، صلبة، وما زال الموقف الدولي رخوًا، وما زالت المعارضة - معارضة الداخل على الأرض - مشتتة، ولكن كل هذا لا يلهينا عن حقيقة واضحة هي بداية العد التنازلي لنظام الأسد، ومن خلفه «النظام» الخميني في طهران، وتوابعه في لبنان واليمن. على ذكر اليمن، فإن عاصفة الحزم العربية، والتحالف العربي الذي قام من حولها، هي تحول ضخم وخطوة شاسعة للأمام، بصرف النظر عن مجريات العمليات على الأرض في اليمن، ففي النهاية ستصل العاصفة إلى ميناء الأمل اليمني، قريبًا. ولكن المهم في العاصفة هو معناها في يقظة العرب وهبتهم ضد غزو إيران، في ظل مكايدة روسية لأميركا، وضياع رؤية الأخيرة في عهد الرئيس أوباما. دوي العاصفة في صنعاء وعدن، له صدى في دمشق وحلب وبيروت وبغداد. في ظهوره الأخير أمام الجمهور، ظهر بشار قلقًا وجلاً، رغم أنه أراد تبديد القلق عن جمهوره وقاعدته، ومما قاله بشار، تعليقًا على سيطرة المعارضة على إدلب وجسر الشغور شمالاً، وبصرى الحرير جنوبًا، وحصار قواته، وفي كلمات تفصح عن كثير من دفين المشاعر قال: «عندما تحصل نكسات، يجب أن نقوم بواجبنا كمجتمع، أن نعطي الجيش المعنويات ولا ننتظر منه دائمًا أن يعطينا»، مهاجمًا ما يفعله «البعض» اليوم من «تعميم روح الإحباط واليأس بخسارة هنا أو هناك». ثم وسط هتافات جماعته القلقة بدورها، من أمام مدرسة ما، خطب بشار، وربما خاطب لا وعيه الباطن، فقال: «أنا لست قلقًا ولا داعي للقلق، ولكن هذا لا يمنع من التحذير من أن بداية الإحباط هي الوصول إلى الهزيمة». هذا كلام يبعث على القلق وليس السكينة. الحزم والمبادرة، صارتا نهجًا يتبع، بعد تحالف عاصفة الحزم، وما حك جلدك مثل ظفرك، ولن تترك سوريا طعمة للضياع والخراب الإيراني، وقد قال الملك سلمان بن عبد العزيز في قمة الدرعية الأخيرة مع قادة الخليج، بحضور الحليف الغربي الأصدق، فرنسا، ورئيسها هولاند، قال سلمان: «الأزمة السورية طال أمدها» ولا بد من حل لها لا يتضمن رموز النظام الأسدي، ليؤكد هولاند على تطابق الموقف الفرنسي مع هذه الرؤية، في كلمته أمام زعماء الخليج. على بشار أن يقلق، بعد منع الـ«فيتو» الروسي ضد اليمن، والتحالف الذي رفض بقاء الحال في اليمن كما كان، لن يقبل ذلك في سوريا. *نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"