طالما بقى مصطلح " أمن الخليج " يلاك على كل مائدة فأن الرسالة السياسية المستنتجة سيكون مفادها (( انها مجموعة دويلات عاجزة عن الدفاع عن سيادتها و مصالحها القومية )) لذلك استلزم الموقف عاصفة الحزم ، و صياغة قاموس دبلوماسي جديد و بمفردات تتناسب و الارادة السياسية العربية من بعدها . فعندما يتناول وزير الخارجية الامريكي جون كيري مفهوم "أمن دول الخليج العربي" و حصره بالتهديدات الصاروخية البالستية الإيرانية قد بات يمثل تجاوزا لم يعد مقبولا بعد الان ، حيث يصور واقعاً و كأن دول الخليج العربي لا زالت قبائل تطوف المراعي بحثاً عن الماء و المرعي ، و لا تملك غير عصى تهش بها في وجه إيران . فاشكالية الامريكان تكمن في قراءتهم النمطية للعقلية العربية و الخليجية تحديدا بافتراض ان الفكر السياسي العربي خامل نمطي التفكير ، احادي القدرة لا يستوعب تقدير اكثر من امر واحد و في اتجاة واحد . الا ان رد وزير الخارجية السعود عادل الجبير جاء وافيا خلال المؤتمر الصحفي من باريس " نحن كمنظومة خليجية نقوم ببناء منظومة دفاع لمجابهة اي تهديد و سنعمل مع شركائنا الامريكان " فتوظيف " نحن الجمعية " هنا قد تجاوزت اللحظي الى الاستراتيجي . الموقف العربي الخليجي من البرنامج النووي الايراني شديد الوضوح لا ُيقبل تأويله (( لا اعتراض على برنامج نووي إيراني بشرط ان يكون مدنياً ، لكننا نعترض على ان تكون هناك تفاهمات ثنائية او ثلاثية خارج إطار قرارات مجلس الامن الدولي قد تمكن ايران لاحقا من تحويلة الى برنامج ذَا إمكانيات عسكرية )) نقطة على السطر . و يتسق ذلك تماماً و الموقف الاوروبي لأننا و اياهم من سيعاني من الابتزاز النووي الايراني لا الولايات المتحدة و هي على بعد 7 آلاف ميل . جميعنا يدرك ان الولايات المتحدة ليست ذلك المفاوض النزيه الذي تدعية هي لتضارب مصالحها القومية بمصالحنا اولا و اخيراً ، و ما العراق و سوريا الا أمثلة صارخة على استعداد الامريكان للتضحية بمصالحنا لخدمة مصالحها . خادم الحرمين الشريفيين الملك سلمان بن عبدالعزيز سيلتقي الرئيس اوباما في البيت الابيض الأربعاء القادم قُبيل انطلاق اعمال قمة كامب ديفيد ، اولا لكونها الزيارة الرسمية الاولى له لواشنطن منذ اعتلاء سدة الحكم في المملكة العربية السعودية ، ثانيا للتوافق حول الملفات الرئيسية . و يسجل للدبلوماسية السعودية تحقيق أمرين استباقيياً لتلك للقمة ، أولهما اعلان السعودية لهدنة انسانية تدوم خمسة ايام في اليمن قبل وصول الوزير كيري للرياض ، و تجدر الإشارة هنا ان الحوثيون لم يعلنوا حتى اللحظة عن القبول بها . حيث من المفترض ان تدخل الهدنة حيز التنفيذ يوم الثلثاء المقبل مما قد يمثل مدخلا لحلاً سياسي . اما الامر الاخر فقد جاء عبر تصريح الممثل السعودي لدى الامم المتحدة السفير عبدالله المعلمي من نيويورك " برفض التحالف العربي لأي دور إيراني في الملف اليمني " مما حرم سيد البيت من ورقتين كانتا قريبتين لقلبه ، و لكون الاخيرة ذات تأثير مباشر على المفاوضات مع ايران حول ملفها النووي . الامتعاض الامريكي من الموقف العربي بقيادة السعودية لم يعد خافيا على احد منذ مارس 2011 , مما سوف يضيف ابعادا اخرى لقمة البيت الابيض الثنائية قد تشمل طرح التوافق على سقف لانتاج النفط لا يضر "بكل" المنتجين و لانقاذ قطاع النفط الصخري الامريكي من الانهيار . فالامريكان قد ادركو يقيناً الان ان السعوديين يجيدون توظيف اداة " الدبلوماسية خارج الابواب المغلقة " ، مما بات يحرم سيد البيت الابيض من ورقة لطالما وظفت لخدمة السياسيات الامريكية في المنطقة سابقا . فبالإضافة للملف النووي الايراني هناك ملفات اخرى ليس اليمن اخرها على جدول اعمال القمة المرتقبة ، فالأمن في باب المندب سيكون حاضرا بعد تهديد ايران بخرق الحظر المفروض على المياة و الموانئ اليمنية بعد فشل الوزير كيري بإقناع السعوديين بأي دور لايران في الملف اليمني ، حتى و ان كان بما يحفظ لها بعض ماء وجهها . و حيث ان السيد كيري يعي تماماً ان التحالف العربي مدعوما بقرار مجلس الامن رقم 2216 يملك الشرعية و الحق في توظيف ما يلزم من الاليات بما فيها القوة ان لزم الامر . قمة شرم الشيخ حددت ثوابت أساسية لن يُقبل بالتجاوز عليها منذ الان ، أولها الدفاع عن الهوية العربية ، يليها فرض الاستقرار لكونه مطلب الجميع . و ما القمة الخليجية التشاورية بحضور الرئيس الفرنسي هولاند الا تأكيدا على تلك الثوابت المبدئية ، مما يعني ان سقف الموقف العربي قد تحددد مسبقاً ، بالإضافة لحرمان الرئيس اوباما كما اسلفت سابقا من ورقتين تكتكيتياً قبل انطلاق اعمال القمة المرتقبة ، مما يقلل من مساحة المناورة التكتيكية له في القمة .