2015-10-10 

تحليل - مصير العلاقات الخليجية الأميركية رهن كامب ديفيد

رويترز

ماذا لو فشل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تهدئة مخاوف الخليج تجاه الإتفاقية النووية الإيرانية خلال القمة التي تعقد هذا الأسبوع في أعقاب قرار العاهل السعودي عدم المشاركة فيها. يبدو أن أوباما واثقا أن واشنطن لديها نفوذ كاف لصد ضغوط الدول العربية السنية لبذل المزيد من أجل منع خصمها اللدود إيران الشيعية من التدخل في الصراعات في كثير من دول المنطقة مما يؤكد على تباين المصالح بين الولايات المتحدة وحلفائها القدامى في منطقة الخليج. و يراهن أوباما على أن التحالف المتين يمكنه رغم القلق الذي ينتابه في كثير من الأحيان أن يتجاوز الخلافات الحالية خاصة في ضوء الاعتماد العربي القائم منذ سنوات بعيدة على المظلة العسكرية الأمريكية وإمدادات الأسلحة المتقدمة. وربما يتعزز وضع أوباما بفضل الاستقلال الأمريكي المتزايد في مجال الطاقة والذي جعل نفط الخليج ذا أهمية أقل للاقتصاد الأمريكي. وقال كريم سجادبور الباحث بمركز كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن وكبير محللي الشوؤن الإيرانية السابق لدى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "النفوذ أكبر بكثير في واشنطن منه في الخليج." يقول بعض الخبراء إن جيلا جديدا من القادة السعوديين قد يرد بمزيد من الاستقلال العسكري في الخليج حيث تقود المملكة في الوقت الحالي تحالفا عربيا يشن غارات جوية على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن. وتعد السعودية ودول خليجية أخرى من الرعاة المهمين للإنتفاضة المناهضة للحكومة السورية. وامتنع حكام أغلب دول المنطقة ومن بينهم الملك سلمان عاهل السعودية عن المشاركة في القمة وقرروا إيفاد نوابهم فيما اعتبر نوعا من الصد الدبلوماسي. ولم يكن من المتوقع قط حضور اثنين من قادة دول الخليج بسبب حالتيهما الصحية. وقد نفت حكومة السعودية أن يكون القصد من غياب الملك الاستهانة بالقمة. ومع ذلك فقد اعتبر غياب الكثير من كبار القادة العرب انعكاسا لشعور بالاحباط لا إزاء تواصل أوباما مع إيران فحسب سعيا لإبرام اتفاق نووي بل بسبب ما بدا من إخفاق أمريكي في دعم مقاتلي المعارضة السورية وفي الضغط على إسرائيل لعقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وتبدأ القمة الخليجية الأمريكية بمحادثات في المكتب البيضاوي مع ولي عهد السعودية وولي ولي العهد يعقبها عشاء يحضره القادة يوم الأربعاء ثم يوم كامل من المحادثات في منتجع كامب ديفيد يوم الخميس. ويقول مسؤولون أمريكيون إن القمة ستؤكد العلاقة الاستراتيجية التي كانت على مدى أكثر من نصف قرن حجر زاوية للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط. ويضيف المسؤولون أن الاستراتيجية الأمريكية في مكافحة الإرهاب مازالت تعتمد اعتمادا كبيرا على التعاون مع الدول العربية ذات النفوذ. غير أن بعض الوهن بدأ يظهر فيما يبدو على بعض المصالح المشتركة التي ربطت بين الجانبين مثل تحجيم إيران والاعتماد الأمريكي الكبير على نفط الخليج. وأثار أوباما الآمال عندما أعلن الشهر الماضي عقب توصل القوى العالمية لاتفاق مبدئي مع إيران أنه سيعقد مؤتمر قمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي .غير أن البيت الابيض قلل هذا الأسبوع من التوقعات بشأن نتائج القمة. ورغم أن مسؤولين خليجيين أشاروا إلى رغبتهم في الحصول على ضمانات أمنية قوية جديدة فإن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه لن يتم توقيع أي معاهدات دفاعية بل وشككوا في إمكانية تقديم أي تعهدات مكتوبة من أي نوع. وتخشى إدارة أوباما من أي التزام قانوني قد يزج بالولايات المتحدة في صراعات جديدة في الشرق الأوسط. وبدلا من ذلك قال مسؤولون أمريكيون إن أوباما سيعرض تطمينات ستصدر في الغالب في شكل بيان مشترك وإعلانات أكثر تواضعا لتحقيق تكامل أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستية وزيادة المناورات العسكرية المشتركة وتيسير امدادات الأسلحة. وفي المقابل تأمل الولايات المتحدة أن تتوقف الحكومات الخليجية المتشككة في أي اتفاق نووي مع إيران عن انتقاداتها قبل انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق نهائي في 30 يونيو توافق بمقتضاه إيران على تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات التي تكبل اقتصادها. ومن المحتمل أن تزيد الانتقادات العربية والمعارضة الإسرائيلية الشديدة من صعوبة فوز أوباما بموافقة الكونجرس على اتفاق مع إيران. ومن المستبعد أن يرضي ذلك دول الخليج وخاصة السعودية التي تعتقد أن واشنطن لا تأخذ الدعم الإيراني لفصائل مسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن على محمل الجد بالدرجة الكافية. وتقول السعودية إن هذا الدعم الإيراني يعمل على تفاقم التوترات الطائفية. ويقول البيت الابيض إن حصول إيران على سلاح نووي سيكون أكثر خطورة على الدول المجاورة لها ولهذا السبب ترى ضرورة معالجة القضية النووية أولا. وتنفي طهران أنها تسعى إلى امتلاك السلاح النووي. وقال وزير الخارجية الأردني السابق مروان المعشر إن إدارة أوباما ليست لديها الرغبة في مهاودة دول الخليج في القضايا التي تؤرقها. وقال للصحفيين في واشنطن "هل ستعود (دول الخليج) وهي تشعر بالاطمئنان؟ لا أعتقد ذلك." لكن دول الخليج قد لا تجد أمامها سوى التمسك بواشنطن. فقد أنفق الكثير من هذه الدول مليارات الدولارات على العتاد العسكري الأمريكي كما أنها تعتمد على المستشارين العسكريين الأمريكيين وليس أمامها شريك آخر يذكر يعول عليه. وحتى إذا أرسل أوباما رسالة ضمنية مفادها أن دول الخليج تحتاج الولايات المتحدة أكثر مما تحتاج إليها الولايات المتحدة فمازال يتعين عليه أن يعالج مخاوفها من أن تتخلى عنها واشنطن في وقت تعصف فيه الاضطرابات بالمنطقة. كذلك فإن كلا من الجانبين يعتمد على الآخر عسكريا واقتصاديا. ورغم أن طفرة في صناعة النفط والغاز المحلية في الولايات المتحدة غذت شعورا بأن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ربما كانت تتراجع فهي لم تغير مصلحة واشنطن الاستراتيجية الرئيسية في تأمين إمدادات النفط لتغذية السوق العالمية بها. وفي الوقت الذي تحث فيه إدارة أوباما حلفاء مثل الرياض على تحمل عبء دفاعي أكبر فإن الولايات المتحدة تظل طرفا مشاركا في الحملة التي تقودها السعودية في اليمن من خلال تقديم الدعم اللوجيستي على سبيل المثال.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه