منذ ثورة الخميني ودول الخليج العربي في علاقاتها مع إيران كانت مهادنة، تدفع بالتي هي أحسن، مع أن الخمينية قامت على تصدير الثورات الطائفية تحت عباءة المظلومية، ونال دول الخليج ما نالها منها، إرهاباً في مكة المكرمة ومحاولة اغتيال أمير الكويت، وتفجيرات في الخبر السعودية وغيرها مما لا يمكن حصره. على امتداد هذا التاريخ لم ترفع دول الخليج العربية صوتها في المحافل الدولية ضد هذا الإرهاب أو عملت على تجريم الدولة الراعية للإرهاب، بالطبع الآن وبعد هذه العقود، نرى أن هذا كان خطأ استراتيجياً خليجياً، استغلته إيران لمزيد من الهجمة والتوسع، ثم تطور إلى مزيد من إنشاء ميليشيات مسلحة طائفية بعباءات حزبية، في لبنان واليمن والعراق، وجاءت الجائزة الثمينة حينما أراحت واشنطن طهران من طالبان في أفغانستان، وزادت الهدية بتقديم العراق إلى إيران على طبق من جثث العراقيين. ومنذ إثارة قضية الملف النووي الإيراني من أميركا ودول الغرب، لم تستثمر دول الخليج هذه الملف الخطر، على رغم أنها أقرب المتضررين من المفاعلات الإيرانية، حتى ولو كانت لأغراض سلمية، بل كانت شبه متفرجة، وأعلن بعض دول الخليج عن حق إيران في الحصول على الطاقة السلمية. كل سياسات حسن الجوار هذه لم تراعها إيران، بل رأت فيها مظاهر ضعف واستكانة، ما زاد من جشعها. دعوة الرئيس الأميركي أوباما دول الخليج إلى الحوار مع إيــران دعوة غــريبة ومتناقضة، فهو يصفها بالدولة الراعية للإرهـــاب، والسياسة الأميركية تقف أمام أي شبه إرهاب لفرد أو مؤسســـة، فكيــف بدولة مثل إيران تستقوي بأسلحتها وصلفها؟ لم يكــن نظام الملالي في إيران منذ استيلائه على السلطة في طهـــران جــــاراً يبحث عن علاقات التنمية وحسن الجوار، وسجله الإرهابي حافل، فهو لا يستطيع العيش في ظل الأمن والسلم. ومع جنوح سياسات واشنطن إلى التقارب مع طهران بأي ثمن، فإنه يصبح نظاماً أكثر خطورة. ضوء الأمل الوحيد يكمن في تغيير جوهري يحدث في الحلقة الضيقة الحاكمة في إيران، تتغير معه «العقيدة» السياسية الإيرانية الثابتة في استخدام الطائفية لزعزعة الدول العربية، وهذا أمر بعيد الاحتمال في المستقبل المنظور، والله أعلم. *نقلاً عن "الحياة"