لست مقتنعاً أبداً بنجاح قمة دول مجلس التعاون الخليجي مع الرئيس باراك أوباما، فقد تابعت كل ما صدر عنها قبل انعقادها، وخلال يومي القمة وحتى اليوم، وأستطيع أن أقول إنها أفضل من لا شيء إلا أنها لم تقدم الضمانات التي يريدها الجانب العربي. المريب يكاد يقول خذوني، والرئيس أوباما دعا قادة الخليج إلى الاجتماع به ليطمئنهم إلى أن المعاهدة القادمة مع إيران ستضم شروطاً صارمة للتحقق من تنفيذها. وهو أكد وجود تعهد أميركي ثابت للدفاع عن الحلفاء العرب ومواجهة أي عدوان إيراني في المستقبل، أو أي محاولة لإثارة قلاقل في المنطقة، وأعلن أن المعاهدة الشاملة مع إيران ستمنعها من الحصول على أسلحة نووية في المستقبل. هو كلام واضح إلا أن الرئيس أوباما قد لا يستطيع تنفيذه ففيما كان الرئيس يجتمع مع قادة الخليج كان الكونغرس يصرّ على حقه في مراجعة نصوص الاتفاق (الذي يُفترَض أن يُنجَز الشهر القادم) وعلى حقه في رفضه إذا لم يعجبه... أي إذا لم يعجِب إسرائيل. مجلس التحرير الليكودي في «واشنطن بوست» نشر افتتاحية تزامنت مع القمة ضمَّت كلمات كان يجب أن يقولها الرئيس ليطمئن العرب هي: «مهاجمة أكثر قوة سامة ومسببة للإضطراب في الشرق الأوسط أي نظام بشار الأسد. الديكتاتورية السورية أقرب حليف لإيران في المنطقة...» البيان النهائي تحدث عن فقدان بشار الأسد شرعيته وأن لا دور له في مستقبل سورية، إلا أنه لم يضم السياسة الأميركية المعلنة منذ ثلاث سنوات وهي «يجب سقوط الأسد». القضية في القمة ليست سورية. أما إسرائيل فأقول أنا إنها أكبر قوة سامة ومدمرة في الشرق الأوسط، وإن فيها حكومة نازية جديدة مجرمة بقيادة إرهابي يقتل الأطفال. لا أدافع عن سورية ولا أدافع عن إيران فأنا مع دول الخليج ضد أعدائها، وإنما أصرّ على أن الخصم في الخليج هو إيران، فهي تهدد الجيران، وتتابع سياسة هيمنة وتوسع فارسية لا دينية. دول مجلس التعاون، حتى لو دفعتها الحاجة إلى التزام الديبلوماسية، أبدَت رأيها بوضوح في العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد كان الرئيس فرنسوا هولاند ضيف الشرف في الاجتماع الأخير لمجلس التعاون في الرياض، وقابل أربعة من قادة المجلس. في المقابل، اثنان فقط من أصل ستة قادة في المجلس شاركا في قمة واشنطن - كامب ديفيد، وغاب الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد أن أعلِن أنه سيحضر، وغاب معه الملك حمد بن عيسى تضامناً، كما غاب قائدا الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان بسبب المرض. الجانب الأميركي في القمة وعد بدفاع مشترك، بدل حلف لا أريده شخصياً، والرئيس أوباما وعد بتزويد الحلفاء العرب بأسلحة متقدمة، إلا أنني سأنتظر لأرى إذا كانت تشمل الطائرات الحربية اف-35، وهي أحدث ما في الترسانة الأميركية، وقد وعدت إسرائيل بها. وسيكون هناك سعر معلن لكل طائرة، إلا أننا نعرف أن إسرائيل لا تدفع في النهاية، وإنما تتلقى «هدايا» من أحدث الأسلحة الأميركية، فيما الحلفاء العرب يدفعون أعلى الأسعار ثمناً لهذه الأسلحة. ثمة مصادر أخرى للسلاح غير الولايات المتحدة، إلا أنني أعود إلى موضوع أهم هو برنـــامج إيران النــــووي، وأسأل هل كانت الإدارة الأميركية بحـــاجة إلى قمة مع دول مجلس التعاون، لولا أنها تعرف أن الاتفاق مع إيران سيضرّ بكل مصلحة عربية في الخليج، لذلك فهي تستبق النص والتوقيع بالضحك علينا؟ لا أعتقد أن دول الخليج خُدِعَت، فأرجو أن تتبع محدودية حضور القادة ببرنامج نووي تعلنه السعودية للرد على الخطر الخارجي. وقد رجوت دائماً أن تعلن مصر برنامجاً نووياً عسكرياً بالتعاون مع روسيا، وأن تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى توسيع برنامجها النووي الموجود ببدء تخصيب اليورانيوم لتحذير أي عدو خارجي محتمل. نحن لا نحتاج إلى الولايات المتحدة. هي تحتاج إلينا، وإلى دول مجلس التعاون قبل غيرها. * نقلا عن "الحياة"