معطيات عديدة بدأت تظهر على الأرض تشير إلى قرب انهيار حكومة بشارالأسد عسكريا وسياسيا وقانونيا، وتفيد بتغييرات في طبيعة وبنية المجتمع السوري. وأهم الدلالات والضغوط التي يتعرض لها الأسد فشل قوات النظام من استعادة بلدة جسر الشغور في ريف إدلب، والخسائر الكبيرة التي تعانيها قوات الأسد في شمال البلاد فلا يبدو أن الجيش السوري وحلفاءه يحققون تقدما سريعا في استعادة المناطق التي خسروها. ويؤكد دبلوماسيون أنّ مقاتلي المعارضة من علمانيين وإسلاميين في الشمال والمدعومين من قطر والسعودية وتركيا يمتلكون كميات أكبر من الأسلحة المضادة للدبابات. ويوجد في سوريا مقاتلون أجانب على كلا الجانبين، ومقاتلون من آسيا الوسطى ضمن المتشددين الأجانب الذين يقاتلون ضد حكومة الأسد التي تحظى بميزة حيوية عبر استمرار سيطرتها على المجال الجوي. وترى صحيفة"ليبراسيون" الفرنسية أن حالة عدم الحسم القائم على الأرض هو انتصار لقوات المعارضة، وأن القدرة على فرض نفوذها في محافظة اللاذقية مركز تجمع الطائفة العلوية سيكون بداية النهاية لحكم الأسد. بحسب دويتشه فليه. دليل ثاني على سقوط الأسد وهو خطابه في مايو الجاري عن طبيعة الحرب والذي فسرته العديد من وسائل الإعلام بأنه تضاؤل في حتمية الانتصار للقوات الحكومية السورية حيث وصف بشار الأسد في لقاء مفتوح في إحدى المدارس في دمشق بداية مايو الجاري، طبيعة الحرب بأنها متغيرة ويكون بها كر وفر، هزائم وانتصارات. وأضاف "في المعارك تتغير أمور كثيرة إلا شيئا واحدا فقط وهو إيمان المقاتلين، واعتقادهم بالنصر". تزداد الضغوط القانونية على الأسد،حيث تمكنت لجنة العدالة والمساءلة الدولية(CIJA)، والتي تضم مجموعة من العاملين السابقين في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وبالتعاون مع حقوقيين عملوا طوال السنوات الثلاث الماضية بشكل سري على توثيق جرائم نظام الأسد، وهرَّبوا بيانات وأدلة إلى أوروبا. ومن بين هذه الأدلة ما يفيد باستخدام الأسد العنف ضد المتظاهرين واتباع قواته التصعيد المتعمد معهم. وبحسب دويتشه فليه اقتبست صحيفة "ذا غارديان" البريطانية نصوصًا من التعليمات الصادرة عن مكتب الأمن القومي السوري في أغسطس 2011 والتي تقضي باعتقال كل من يتظاهر ضد الحكومة، وكل من يتواصل مع مؤسسات ووسائل إعلام أجنبية، من أجل تشويه سمعة البلد، فضلا عن توثيق أساليب التعذيب المتبعة بحق المعارضين. أدى العنف المستخدم من قبل النظام ضد معارضيه إلى فرض السيطرة على الأرض بالقوة، إلا انه أيضا جعل العديد من السوريين معارضين للنظام. ووفقا لتصريحات أحد زعماء المعارضة السورية في حلب أن أسوأ حقيقة للنظام، أن يعرف أن العديد من السوريين، الذين لم يشتركوا في أعمال العنف في البداية، انضموا للمعارضة المسلحة، كرد فعل على العنف المستخدم من النظام. ويعترف الناشط المعارض بأن التحالف بين أقطاب المعارضة هو مؤقت حاليا، إلا أن الاختلافات في الرأي والتوجهات قد تكون نتاجا للتغير الذي طرأ على بنية المجتمع السوري. وهو ما قد يظهر بعد سقوط الأسد والذي أصبح توقيت سقوطه مثارا للتساؤل وشهدت المعطيات الخاصة بأعداد القتلى من داعش في سوريا، تباينا كبيرا، فبعد تصريحات دمشق من قتلها نحو130 قتيلا من مقاتلي التنظيم، أكدت مصادر سورية خارجية تابعة للمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن أن أعداد القتلى لا تتجاوز الثلاثين. وبالرغم من التباين في أعداد القتلى فإن هذه المصادر تتفق في ما بينها على أن مدينة تدمر الأثرية في الصحراء السورية، والتي هي واحدة من أهم المعالم الثقافية السورية، لا تزال آمنة أمام تمدد نفوذ مقاتلي داعش. وبأن آثار المدينة لا تزال آمنة إزاء مخاطر التدمير، في الوقت الراهن على الأقل. سياسة مكافحة الإرهابيين ليست إستراتيجية متبعة بالنسبة للأسد وحسب، بل تشكل أيضا سياسة علاقات عامة ناجحة. ويقدم الأسد نفسه بأنه في مقدمة الذين يحاربون الإرهاب الجهادي، الذي أصاب البلد بعدم الاستقرار منذ أكثر من أربعة سنوات إلا أنّ السياسة المتبعة من الأسد أصبح من المشكوك في نجاحها على المدى الطويل، حيث أكد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية أنه لولا دعم طهران للحكومة الشرعية في سوريا، لوجدنا تنظيم داعش يحكم دمشق.