2015-10-10 

من الرياض إلى طهران: اليمن بح!

جاسر الجاسر

نأمل بأن يكون النائب الذي تفاخر في برلمان طهران بضمّ العاصمة صنعاء لتكون رابعة العقد الإيراني، نجا من الضغط والجلطات وكل أعراض الانتكاسة والاختناق، بعد لطمة «عاصفة الحزم» وأختها «الأمل»، وأخواتها الساكنات رحم المستقبل في انتظار الولادة. نعلمكم بأن صنعاء عصيّة على غير أهلها، تستنكر كل لغة تجهلها قحطان، تجافي كل غريب ليس جاراً لها ولا أخاً. تعلمـــون أن الخطوات الطويلة قد تكون علامة رشاقة كما فعــــل خالد بن الوليد ومحمد بن القاسم، إلا أنها غالباً قد تؤدي إلـــى الاختلال والسقوط، كما فعل هتلر حين توسعت خطوته حتـــى بلغت بلغراد، فعادت تعرج على قدم واحدة. كنتــــم تستعينون بمنطـــق عنترة بن شداد: «أضرب الجبان ضربة ينخـــلع لها قلب الشجاع»، لكنكم واجهتهم عبساً ذاتها ومعها غطفان وحاشد وبكيل، ومعهم كل القبائل التي ظهرت ونشأت بعد يوم «ذي قار»، فسكن ذاكرتها وإن سبق وجودها. تعرفون أن العرب يكرهون الرطانة، وكل ما يخالف لسانهم القويم، فإن رافق ذلك عنف جعلوا اللسان آخر البقايا حتى لا ينقطع الأنين والحشرجة. نعلم أن صراخكم عالٍ، وصخبكم طاغ، لكن عادتنا هي أن كل صوت أعجمي مرتفع يعني عدوان وحش يلتهمنا إن صمتنا، فقضينا على كل الوحوش ذئاباً كانت أم ثعالب. تعرفون أن ودياننا واحدة، وجبالنا متّصلة، ودروبنا مشتركة، فلا مكان للعابرين بيننا، وأن نجداً وصنعاء لم يحتملا غازياً، ولم يرتهنا إلى معتد. نتمنـى أن تكونوا سمعتم بيأجوج ومأجوج، حيث يستحيل الشجـر والحجــر بشراً ينبتون فجأة فيكونون سلاحاً لا بوصلة لهـم. ربما سمعتم بقبائل الجن التي تسكن الجبال، ويستهويها الغـــاء في الوديان، فلا يعكّر صفوها نشاز، فإن ظنّ نفسه من الفريق جرفته السيول أو أطارته العواصف. نركن إلى حكـمة الكـول وصبـرهم، فإن جاوز الأمر حدّه كان الشباب هم القــيادة والصدور التي تستقبل الأسنة، حتى إن بنت أجسادها سداً لا يسبقه عدو، ولا يتعداه خصم. نحن الصــامتون أدباً، المصافحون سلماً، فإن استلمت اليد سيفاً كان جزاءها البتر. شـبابنا «قليلو الخبرة» في نظر من أرهقتهم العزلة، وأبعدتهم الغيبة، لكنهم إن جاء وقت الصولة كانوا اللاعبين والمبارزين والمنتصرين. من يمدّ يده للمصافحة ليس جباناً أو ضعيفاً، لأن صفة الخور هي الانكفاء والانكسار، أما الجانحون إلى السلم فمن باب الثقة والقدرة والاستعداد للمواجهة. اقرأوا تاريخنا فهو خلاصة صدّ المعتدين وانتكاسات المرتــزقة، فالعـــروبة لا تتحـــدث ســـوى لسانهـــا، ولا تصغـــي إلا لقـــرآنها، ولا تخالف محجّتها البيضاء. نحن تربية القائل الكـــريم: «اذهـــبوا فأنتم الطلقاء»، فإن أبوا إلا الردة والخيانة بعثـــنا إليـــهم سعد بن أبي وقاص. منذ سيف بن ذي يزن واليمن نقية من خطايا المعتدين، وستظـلّ كذلك. قريباً، ستلحقــها أرض عـــمر بـــن عبدالعزيز، ومســاكن هــارون الرشيد، والمـــوانئ الجميـلــــة التــــي نظـــرت إلى ظهــور الصليبيـــين أكـــثر مـــما شـــاهـــدت وجــوههم. اليمن بح، والبح سيطاول أخواته الثلاث، لأن الغفوة لا تدوم، والخيبات مثل «سموم» ساخنة عابرة، والفعل ما ترونه لا ما تسمعونه. السلام منا لمن يريده، فإن تمنّع فرضنا السلم درباً لا مسلك سواه. * نقلا عن "الحياة"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه