2015-10-10 

حكومة بغداد تُكرِّس المذهبية

داوود الشريان

الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيف راثكي قال: «أعتقد أن قرار قيادة الأنبار وعشائرها تأييد دخول قوات الحشد الشعبي إلى الأنبار للمساعدة في تحرير الرمادي، خطوة مهمة نراها جزءاً من سعي رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تجاوز كل الخطوط الطائفية». الحديث عن تجاوز الحس المذهبي في مواجهة الحكومة العراقية تنظيم «داعش»، لا تصدقه الوقائع على الأرض، فزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يدعم الحكومة في مواجهة التنظيم الإرهابي تحت شعار «لنا أخلاق أهل البيت، ولهم أخلاق معاوية وآل سفيان لعنهم الله»، فضلاً عن أن وصول النازحين من الرمادي والأنبار الى بغداد بات أصعب من النزوح الى دولة أخرى، ولم يسمح لهم بدخول العاصمة بسبب مطالبة الحكومة لهم بتوفُّر كفيل، كأنهم غرباء في وطنهم، وهي بررت هذا الإجراء المذهبي بالمخاوف الأمنية، لذلك بقي الآلاف منهم في مواجهة مصيرهم، الذي أصبح أرحم من تمييز مذهبي تمارسه أجهزة الأمن العراقية ضد الفارين من موت محقق. الحكومة العراقية ليست جدية في تحرير المناطق التي يحتلها «داعش»، والقرار الوحيد المتخذ هو حماية كربلاء وبغداد. بيان مقتدى الصدر الذي يستدعي فيه كل ثأرات التاريخ، وضيق الأفق، وتعسُّف القوات الأمنية تجاه الفارّين من إرهاب «داعش»، تكشف بوضوح أن الحكومة العراقية تضع مواطنيها السنّة في سلة واحدة مع التنظيم الإرهابي. بل إن بعض النازحين يؤكد أن تقدُّم «داعش» لم يكن مفاجئاً له، ويقول إن التنظيم كان موجوداً على الدوام في محيط الخط الآمن وسط الرمادي خلال الشهور الأخيرة، وعدم تجاوزه هذا الخط طوال الفترة الماضية بات لغزاً، لم يفك أحد رموزه ودواعيه! المذهبيون في النظام العراقي يريدون تحويل المعركة مع «داعش» إلى حرب مع السنّة، على طريقة شعار مقتدى الصدر، وصولاً إلى تقسيم العراق. وكل التصريحات الأميركية المضلّلة عن تجاوز المذهبية، لا يمكن أن تعفي حكومة العبادي من هذا التوجه الذي ما عاد يمكن التستُّر عليه. لا شك في أن تصرفات حكومة العبادي لا تختلف عن تصرفات سلفه نوري المالكي. الاثنان ينفّذان أجندة مذهبية ستفضي إلى دخول العراق احتراباً أهلياً يجعل الإرهاب الذي يمارسه تنظيم «داعش» خبراً صغيراً وسط الصراع المقبل. العراق ذاهب إلى حرب أهلية مريرة وطويلة إذا استمر نظامه يساوي بين «داعش» ومواطنيه السنّة، ويدير المواجهة بشعارات القرون الماضية، ويتصرف بهذا النهج المذهبي القبيح. * نقلا عن "الحياة" اللندنية

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه