تعكّر مزاجي وشعرتُ بعدم الراحة وأنا أقرأ منذ يومين معلومات منسوبة الى رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة التحقيق في قضية سقوط الموصل في أيدي داعش، فحاكم الزاملي، كما أفادت هذه المعلومات، قال ان لجنته ستوجه أسئلة مكتوبة الى كل من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة سابقاً نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بعدما رفضا المثول شخصياً أمام اللجنة. موقف بارزاني بالذات، اذا كان صحيحاً، هو أكثر ما يعكّر مزاج واحد مثلي ويُشعره بعدم الراحة، فانني لأعوّل كثيراً على حضور رئيس إقليم كردستان في هذه اللحظة التاريخية المفصلية أمام لجنة التحقيق ليدلي بشهادته على نحو مباشر، وهي شهادة منتظر منها المساهمة في الكشف عن حقيقة ما جرى منذ دخول داعش الموصل العام الماضي. والأهمية البالغة لحضور بارزاني وشهادته أمام لجنة التحقيق لا تكمن فقط في المعلومات التي سيقدّمها الى اللجنة، وهو ممن يعرفون الكثير والمهم، وإنما أيضاً في إعطاء الاعتبار العالي للجنة التحقيق ولمجلس النواب الذي شكّلها. سقوط الموصل ليس بالحدث العابر في تاريخ العراق، ويكفي أن نشير الى أنه في واحد من تفاصيل هذا الحدث وفي واحد من أيامه السود أُزهِقت أرواح 1700 شاب بدم شديد البرودة، فضلاً عن الفجائع والمآسي والمحن التي لم يزل يكابدها الملايين من النازحين والأسرى والسبايا والمغتصبات وسواهم ممن لم يكن من خيار لهم غير الخضوع لسلطة داعش الإرهابية. أفترض ان السيد بارزاني، بخلاف آخرين ممن لهم علاقة وثيقة بقضية سقوط الموصل، لا يستنكف المثول أمام لجنة التحقيق أو البرلمان، فهو في تموز 2012 أكد انه مستعد لأن يمثل أمام البرلمان الاتحادي في بغداد إن طُلب منه ذلك.. كان بارزاني يتحدث على خلفية واحدة من الأزمات العديدة التي نشبت بين الحكومة الإتحادية السابقة وإقليم كردستان. يومها قال إنه "يقدّر كثيراً مجلس النواب العراقي الذي يمثل الشعب العراقي بجميع مكوناته، وأفخر بمساهمتنا قدر الإمكان في خلق الظروف التي جعلت العراق يكون صاحب مثل هذا المجلس"، مؤكدا أنه "متى ما أراد المجلس استضافتي، فإنني جاهز للمثول أمامه والتحدث بكافة الحقائق". أظن ان هذه هي اللحظة التي نحتاج فيها الى أن نسمع من بارزاني ما يقوله بشأن قضية الموصل، وكنتُ أتمنى ألا يتردد عن تلبية طلب لجنة التحقيق بالمثول أمامها وعرض ما يعرف من حقائق من أجل الديمقراطية ومن أجل العراق الأفضل الذي نتطلع إليه لا ينبغي أن يعلو أحد أو يكبر على البرلمان، لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا رئيس الإقليم ولا حتى رئيس البرلمان .. الشعب وحده أكبر من البرلمان وأعلى منه لأنه مصدر السلطات. انتهز هذه الفرصة لأحثّ السيد بارزاني على القدوم الى بغداد والمثول أمام اللجنة، فعدا عن الحقائق المنتظرة، فان خطوة له كهذه ستؤثر في مجرى التحقيق الذي تجريه اللجنة لجهة السير في الاتجاه الصحيح، فنحن نخشى جديّاً أن تتمكن الألاعيب والصفقات السياسية المعهودة من حرف مسار التحقيق وطمس بعض الحقائق وتمكين مذنبين من الإفلات من المساءلة والمحاسبة، مثلما جرى في مرات عديدة سابقة. فضلاً عن هذا فان مجيء السيد بارزاني الى بغداد سيُسهم في رفع منسوب ثقة الناس بمؤسسة البرلمان التي تفاخر بارزاني في 2012 بمساهمته في خلق الظروف لوجودها في العراق. * نقلا عن "المدى" العراقية