2015-10-10 

عن نهاية دولة مُتخيلة: الإخوان وانهيار الخرافة

عبدالله الجنيد

  شخصيا لم يمثل مقال الاستاذ جمال خاشقجي في جريدة الحياة بتاريخ 23 مايو 2015 رؤية تمثل تجربته الميدانية أو حتى الإعلامية بقدرما عبر عن حجم الإحساس بالفجيعة لانهيار مشروع " دولة الخلافة ". فالإخوان للاسف كمدرسة فكر سياسي متأسلم تطالب الآخرين بالبراغماتية في حين ترفض هى ذلك من حيث رفض المراجعة، لانفصالها عن الواقع الزمني هذا أولا، ولانفصال الاخوان عربيا وخليجيا عن واقعهم العربي والخليجي ثانيا. فدول الخليج العربي تتعاطى مع كل الامور من منطلق ما ينكره عليها تيار الإخوان المسلمين تحديدا من اليمن إلى السودان، فها هو تيار الإخوان في اليمن ممثلاً بحزب الإصلاح يشارك في مشروع انقاذ اليمن برعاية مجلس التعاون، أضف إلى ذلك قرار دولة الامارات العربية المتحدة بالعفو اخيرا عن شخصيتيين خليجيتيين قد صدر بحقهما احكام مغلظة في قضايا تمس الأمن القومي الإماراتي. أما بالعودة للسودان، فلولا برغماتيتها التي ينكرها الإخوان على دول الخليج العربي لما نجحت في اعادة السودان للحاضنة العربية باخراجة من تحت عبائة طهران، فهل شكر الإخوان المسلمين دولة الإمارات على ذلك الصنيع مثلاً. بل ربما يجب أن نذهب لابعد من ذلك بسؤال مباشر للإخوان المسلمين: لماذا نسمع منكم كلمة نقد أو حتى عتب واحدة على السودان عندما كان مرتعاً للحرس الثوري الإيراني ، أو حتى بيان استنكار واحد لما مثلة التكامل التركي الإيراني الإسرائيلي اقتصاديا وسياسيا في دول شرق افريقيا ودول منابع النيل تحديدا من تهديد لأمننا القومي العربي . عندما يتناول الاستاذ خاشقجي ليبيا ويطالب بـ " طائف ليبي " فذلك ليس ضربا من الخيال بل واجب اسلامي وانساني قبل أن يكون واجبا عربي، لكن الخيال في دعواه وجوب أن لا تكون على حساب الواقع بتغير موازين القوة على الارض. أما المقاربة من حيث قييم القبيلة و البداوة فتتظهر مدى انسلاخ الإخوان عن الواقع بكل تفاصيله، بما في ذلك تطرقه للمصالح بأن لا مصالح أو اطماع كما اسماها هو للمملكة العربية السعودية في ليبيا بعكس مصر والامارات العربية. وبالنسبة للتدخل التركي والقطري في الشأن الليبي فيصفهما بالأطراف الأقل طمعا والأكثر تماهيا والرؤية السعودية متناسيا تماماً موقفهما من الملف السوري ميدانيا أما من حيث مصالح المملكة العربية العربية السعودية كقائدة لإرادة القرار العربي في ليبيا أو سواها هو فرض الاستقرا بأقل تكلفة انسانية ممكنة وبما يخدم مصلحة أي بلد عربي، أما فيما يخص ليبيا فالمقدم منها الآن هو حقن الدم وفرض الاستقرار كونه واجب اسلامي وعربي، ثانيهما كسر شوكة كامل التنظيمات الارهابية على الارض الليبية لكونها أكبر تهديد لعاملي الامن والاستقرار. أما بشأن صوملة ليبيا فذلك أمر يسئل فيه من جلب بالحاج إلى ليبيا وسمح بتأسيس انصار الشريعة قاعدية المنهج والسلوك وصولا إلى فجر ليبيا، وسنترك للسيد خاشقجي الإجابة عن من يقف وراء إيصال داعش الى ليبيا عبر الجو والبحر والبر. جميعنا يدرك أن آخر مشاريع خرافة دولة الخلافة ينهار الآن في ليبيا بفعل الإرادة الوطنية الليبية التي استردت زمام المبادرة من يد الآخرين، وشكلت مؤسساتها الوطنية الدستورية منها والتنفيذية الشرعية حتى فرضت على المجتمع الدولي الاعتراف بها ممثلا للارادة الوطنية الليبية. وعلى العكس من ذلك هو واقع الطرف الآخر في المعادلة السياسية الليبية فهو فاقد لأي شكل من اشكال الشرعية وطنيا ودوليا، ناهيك عن ما يمثله واقع عدم الاستقرار ليبياً في محيطها العربي والأفريقي، بل أن ذلك التهديد قد وصل لباقي دول حوض البحر الابيض المتوسط بشكلاً مباشر عبر قوارب الموت، مما حدى بالاتحاد الاوروبي بفرض طوَّق بحري أمني على المياة الليبية. شخصيا أتمنى على السيد خاشقجي أن يتناول في مقاله القادم من وجهة نظره الجهات التي تقف وراء قوارب الموت المنطلقة من ليبيا وما مسؤوليتها الاخلاقية قبل القانونية إن اتضح أنها تنظيمات تأتمر بأمر المؤتمر المنتهية ولايته في طرابلس.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه