نحن لا نموت، لكننا نتغير. تتحلل أجسادنا وتحلق أرواحنا إلى عالم أجمل. لكننا رغم ذلك نأبى أن نترك الأرض، كتبت لي تقول: انقطعت بي كل سبل السعادة من بعده. كان رحيله قاصماً لظهر مشاعري وجارحاً لأنوثتي، فتركت كل شيء وانعزلت عن عالم كان يسكن كل ركن فيه. كنت أدرك بأني أظلم نفسي بفعلتي تلك، لكني لم أكن أتحمل أن أراه في كل وجه بشوش، وأسمعه في ضحكات الجيران، وألمس حنانه في أي كفٍ أصافحه، وأتنفس عبيره في شذى الحياة. ندمت كثيراً على لحظات جادلته فيها على رفضه للعديد من خياراتي المتسرعة حين أتممت الثلاثين. كنت أظنه يحبني لدرجة تدفعه إلى الإلتصاق بي بعد رحيل والدتي التي يراها في كياني، ولا يتحمل أن يسكنني ذكرٌ آخر غيره. وبالرغم من اعتراضي على قلب فرضه عليّ مراراً قبل رحيله، إلا أنني قبلت كسباً لرضاه، بعد أن حرمه المرض بسمته. وعلى مدار اثنتي عشرة سنة ماضية على رحيله، لم أندم على قبولي ذلك! بل على رفضٍ ظننته في محله. فقد زرع بذور الأمان وغرس جذور السعادة حين زوجني إياه. لم يكن وسيماً أو ثرياً، لكنه كان رجلاً حقيقياً يقدّر ما يملك ويتقن الحفاظ عليه. تحملني كثيراً واحتضن تمردي بحنان أطفأ شرارة نفور كادت تحرق جمال ما أعيشه اليوم من سرور سببه أطفالي الثلاثة ووالدهم. قد تتساءلين عن سبب كتابة قصتي هذه، فأنا لم أكتبها بحثاً عن حلّ لمشكلة، لكني وددت أن يعلم كل من يقرأ، أنه مهما بلغ حبّه لذاته فلن يحبها كما يفعل والداه. وبأن عليه أن يثق في أن بوصلة والديه تشير دوماً إلى الوجهة الصحيحة التي يبحث عنها. @Randa_AlSheikh Randa_sheikh@yahoo.com
تاكيد لمقالك بوصله لاتتوه وجماله بصياغته.