مجدداً تجتمع دول التحالف ضد «داعش» للبحث عن استراتيجية جديدة. الاجتماع الأول عُقِد العام الماضي في 3 كانون الأول (ديسمبر)، في بروكسيل، وخرج بخمس توصيات هي زيادة المجهود العسكري، وقف تدفُّق المقاتلين الأجانب، قطع قنوات التمويل، معالجة مشكلة المساعدات الإنسانية، ونزع الشرعية عن «داعش»، ولكن من دون خطة عملية للحرب. وهو اكتفى بالغارات الجوية، التي أثبتت فشلها حتى الآن. الظروف التي عُقِد فيها مؤتمر باريس، أكثر تعقيداً من السابق. الحكومة العراقية غير جدية في مواجهة «داعش». هذا التوصيف جاء على لسان مسؤول أميركي، قال أن الحماسة لدى القوات العراقية في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» غير موجودة. الأخطر من هذا ما قاله قائمقام عامرية الفلوجة فيصل العيساوي، من أن المسؤولين في الحكومة العراقية في بغداد، لا يثقون بالسنّة، وأن المقاتلين في منطقته يواجهون «داعش» على نفقتهم الخاصة. وعن مصادر السلاح قال: «هناك أسلحة تأتي من إيران وتُباع في شكل مباشر». هل سيبحث المؤتمر تخاذُل حكومة العبادي، وتدفُّق السلاح الإيراني؟ هل سيتبنّى وجود قوات قتالية على الأرض؟ الأرجح أنه لن يفعل. في بروكسيل كان أحد أهم البنود هو وقف تدفق المقاتلين الأجانب، لكن هذا لم يحدث. الدول الغربية تعرف تماماً مصادر قوة «داعش»، والعوامل التي تجعله يتمدد على الأراضي العراقية والسورية، لكنها ليست في وارد حسم المعركة الآن، وربما تريد استمرارها بهذه الوتيرة. ملاحقة «داعش» على الأرض العراقية ستجعل تلك الدول تصادم ميليشيات «الحشد الشعبي»، وإن شئت إيران، وفي سورية ستكون عليها مواجهة «حزب الله»، وقوات الأسد، ومنع إرهابه بالبراميل والأسلحة المحرّمة، وهذا القرار لم يحن بعد، أو أنه غير مطروح أصلاً. واشنطن تعلم جيداً مَن يسهّل دخول المقاتلين إلى العراق وسورية، وتعرف الذي يزوّد ساحات القتال بالسلاح، لكنها تتغافل. التحالف الذي تقوده واشنطن ضد «داعش» كذبة سياسية كبيرة، وبعض الدول المشاركة يدرك هذا. في بعض الكذب ما يخبر بالحقيقة، وهذا هو لسان حال بعض دول المنطقة مع ما يسمى «التحالف الدولي ضد داعش». لذلك، فإن تنظيم «الدولة الإسلامية» باقٍ ما بقي هذا التحالف الذي يدّعي الحرب على الإرهاب وهو يمنعها. لا شك في أن تحركات «داعش» في العراق لم تعد لغزاً. وجيش «الحشد الشعبي» الذي يضم مئات الآلاف من الشباب وأكثر من 42 فصيلاً، قادر على لجم «داعش»، ولكن في العراق مَنْ لا يريد ذلك الآن، أو لم يؤذن له بعد. الأكيد أن التنظيمات الإرهابية تبدَّل حالها اليوم. صارت وسائل لتنفيذ حلول في المنطقة. واشنطن تعاود تكرار تجربة «طالبان» في بلادنا، وتُطَبّق قاعدة دعهم يتقاتلوا ثم نرَ.