الكسل والفوضى اللذان يعيشهما المراهقون في الصيف يعتبران دليلاً ملموساً على فشل وزارة التعليم في كل ما له علاقة بما يسمى لديهم النشاطات «اللا صفية»، وهو امتداد لفشل قديم عندما سلمت المراكز الصيفية بالكامل تقريباً إلى مشرفين باتجاه فكري واحد، وعندما تنبه الناس ودفعوا ثمن ذلك دماً وأرواحاً طاهرة، وأقفلت أو قلصت تلك المراكز وشددت الرقابة عليها، تبخرت تقريباً كل النشاطات الصيفية التابعة للوزارة، أو باتت على الأقل لا تسجل حضوراً يذكر. والحال هذه ندرك أننا كنا أمام خيار واحد، سواء سلمناه المراهقين مختارين، أم بادر هو، كانت النتيجة واحدة، إما مراكز صيفية مؤدلجة أو الفراغ واللا شيء، ولعل كلمة الفشل موجعة لكنها الحقيقة، وهي لا تمس وزارة التعليم وحدها، بل تشترك معها كل الجهات المعنية، وفي مقدمها رعاية الشباب، ووزارة الثقافة، وأمانات المدن. في العام 2003 قام أبوسحر عبدالله بن إبراهيم الكعيد بحضور حفلة ختامية لمركز صيفي اختاره هو، بعد دعوة الوزارة له لزيارة مركز صيفي بعد كتابته مقالتَي «مجرّات الوهم» و«الوهم يكبر»، ليجدهم يلقنون الصغار: «وأنتم أيضاً اذهبوا فأرض الرافدين اغتصبت كما اغتصبت فلسطين والشيشان وجامو وكشمير وأرض الأفغان»؟ كما كتب في مقالته «اختطاف مركز صيفي»، وها هم اليوم ذهب بعضهم إلى هناك. يجب أن يفهم أننا لسنا ضد التربية الإسلامية في المراكز الصيفية السابقة، لكننا ضد «التعبئة» التي تلبس ثوب الجهاد، وترمي شبابنا كما ثبت في أحضان الإرهاب والجماعات السياسية، التي نرى مثالها اليوم في «أرض الرافدين»، وحطبها الدائم أبناؤنا. حديثي في الإجمال عن فشل مشروعنا الثقافي، ومشاريعنا الفنية والترفيهية، وهو فشل جذوره اجتماعية، لكن التعليم في فترات سابقة وطويلة كان من المساهمين فيه، ليس متعمداً بالضرورة، لكنه مستسلماً وخائفاً. صغار المرحلة الابتدائية يمكن إلهاؤهم بألعاب سخيفة في «المولات»، أو «إرفاقهم» بأمهاتهم في جولاتهم المكوكية على الأسواق والمناسبات وأماكن البحلقة والتسمين الممنهج، وعلى رغم ألم ذلك وضرورة إيجاد شيء لهم، إلا أن المقصد أن فراغهم يمكن تعبئته، وشباب الجامعات يمكن إلحاقهم بوظائف صيفية توفرها بعض الجهات الحكومية، وكثير من المصارف وشركات القطاع الخاص مشكورين، وأيضاً يمكن تدريبهم ضمن مبادرات معروفة، لكن المراهقين في المرحلتين المتوسطة والثانوية هم ضحايا هذا الفشل الذي نراه. لماذا لا تكون لدينا مخيمات أو مراكز، أو حتى فلنسمها معسكرات للعمل والإنتاج، أو الترفيه والتعليم عبر المنافسات الرياضية، أو حتى تنظيم المغامرات، تشرف عليها وزارة التعليم، وترشح لها التربويين المتقاعدين، ويطعّم فريقها بمدربي التعليم والتدريب المهني، وربما ساهمت وزارتا الدفاع والداخلية مشكورتين بترشيح مدربيها الميدانيين المتقاعدين للغرض نفسه. المال موجود، والرغبة أحسبها كذلك، لكن، من يقود مشروعاً تنويرياً تأهيلياً مثل هذا بحياد وموضوعية تروم احتواء الطاقات، وتطوير المواهب، وإزالة الترهل عن الأجساد والعقول؟ يمكننا أن نجعل «الوقت» أرخص شيء عند أبنائنا أو أثمن شيء، فأي السبيلين نختار؟ الحياة اللندنية