أظهرت الأزمة الأخير التي يمر بها جماعة الاخوان المسلمين في مصر الصراع القائم داخل الجماعة لاسيما بين جيلين داخل الجماعة بشأن إدارة الصراع مع الدولة المصرية، وهو الصراع المشتعل منذ عزل الرئيس محمد مرسي وفض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية في يوليو عام 2013. بيانات وتصريحات متتالية أصدرها أعضاء يمثلون جيلين أحدهما "الحرس القديم" والآخر يمثل "الجيل الجديد"، بدت فيها الخلافات الحادة والتشويش يسيطران على المشهدد. وبحسب بي بي سي يؤكد مصدر داخل الجماعة أنّ خلافات وقعت بين أعضاء المكتب الإداري القديم وأعضاء جدد، ازدادت حدتها في الأيام الاخيرة، حتى حسمها محمد منتصر، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، بانتخاب أعضاء جدد للمكاتب الادارية، وأن القدامي لم يعد لهم صفة داخل الهيكل الإداري الجديد. ويؤكد المصدر أنّ بعض الأعضاء أصبح يعتقد أنّ السلمية لم تعد تجد نفعا مع النظام القائم في مصر، ويطالبون بالتوجة نحو حمل السلاح ضد السلطة والجيش لاسيما بعد ماحدث من قتل واعتقال وتعذيب للشباب الاسلاميين خلال العامين الماضيين، فضلًا عن ترك بعض الشباب الإخوان وانضموا لداعش وبعض الجماعات الأخرى التي تتبنى العنف. ويتابع المصدر إلا أنّ بعض الأعضاء لاسيما الجيل القديم يدعو إلى االالتزام بالسلمية كنهج أصيل لجماعة الاخوان المسلمين في أزماتها عبر الأجيال المختلفة. قرار محكمة جنايات القاهرة بإحالة أوراق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مع زهاء مئة وعشرين آخرين لمفتي البلاد لاستطلاع رأيه في اعدامهم في قضيتي التخابر مع جهات أجنبية واقتحام السجون والهروب منها، منتصف مايو الماضي كانت منعطفا مهما في خطاب الجماعة، وليس الأخير. بعدها خرج المتحدث الإعلامي باسم الجماعة محمد منتصر يطالب بثورة لاتبقى ولاتذر...ثورة تجتز الرؤوس، في إشارة إلى الحكومة المصرية والقضاة والشرطة والجيش والإعلاميين ممن يؤيدونها. ولم يكن هذا هو البيان الأول من نوعه من قبل الجماعة بهذا المعني الذي فهم على أنه دعوة صريحة للثأر والمواجهة العنيفة ففي نهاية يناير الماضي صدر بيان للجماعة يطالب الجميع بأن يدرك أن الاخوان المسلمين بصدد مرحلة جديدة نستدعي فيها ما كمن من قوتنا، ونستحضر فيها معاني الجهاد وتبع ذلك عدة كتابات من أعضاء بارزين بجماعة الإخوان ومناصرين لها يدعون صراحة إلى مواجهة "ثورية" قوية مع الدولة لاسيما بعد تكرار أحكام الاعدام الاولية والسجن المشدد بحق عدد كبير من رموز الجماعة وأنصارها ومن هؤلاء عضو الجماعة حازم سعيد الذي نشر عدة مقالات على مواقع وصفحات منسوبة لجماعة الاخوان المسلمين تنتقد "السلمية" من جانب الجماعة في تعاملها مع السلطات في مصر. ودفعت تلك الدعوات فيما يبدو إلى عودة عدد من رموز الجماعة المختفين عن المشهد لشهور طويلة ، ففي مايو الماضي، كتب محمود غزلان عضو مكتب إرشاد الجماعة، الذي قبض عليه مطلع يونيو الجاري، مقالا بمناسبة مرور سبعة وثمانين عاما على تأسيس الجماعة شدد فيه على أنّ السلمية ونبذ العنف من ثوابت الجماعة التي لن تحيد عنها أو تفرط فيها ووافق غزلان في رأيه عضو مكتب الإرشاد مفتي الجماعة عبد الرحمن البر، الذي كتب مقالات في ذات الاتجاه. وفيما يبدو أن كتابات غزلان والبر استفزت عددا من زملائهم في الجماعة فكتب كلا من حازم سعيد وعاصم المصري مقالات تنتقد غزلان والبر صراحة بل وتنصحهما وغيرهما بالابتعاد عن المشهد. لكن المنعطف الأبرز داخل الجماعة كان بسبب البيان الذي أعلنت فيه الجماعة على لسان متحدثها محمد منتصر ترحيبها بما سمى "نداء الكنانة" الموقع من عشرات الدعاة والهيئات الإسلامية في 27 مايو الماضي ودعوته أنصار الجماعة لتأييده.. وفي حين رحب جيل الشباب بالبيان الذي دعا إلى "عودة مرسي للسلطة باعتباره الرئيس الشرعي لمصر"، أعلن بعض أعضاء "الحرس القديم " رفضهم البيان. وأصدر الأمين العام للجماعة محمود حسين أحمد المختفي منذ أشهر بيانًا يؤكد أنه وأعضاء مكتب الارشاد القدامي باقون في مناصبهم وإن محمود عزت، نائب المرشد هو من يتولى المسؤولية حاليا دون غيرهم". ورد منتصر على بيان حسين قائلا " تشدد الجماعة على أنها قد حسمت قرارها بعد استطلاع رأي قواعدها بأن الخيار الثوري بشكله المعروف وبكل آلياته خيار استراتيجي لا تراجع عنه". وأضاف منتصر "نؤكد أن مؤسسات الجماعة التي انتخبتها قواعدها في فبراير من العام الماضي تدير شؤونها، وأن المتحدث باسم الجماعة ونوافذها الرسمية فقط هم الذين يعبرون عن الجماعة ورأيها".