من العراق، بلد سومر وأكاد وعشتار وبابل، حيث نبع الشعر والكتابة والفلسفة... وتخرّج نبوخذ نصر، وجابر بن حيان، والسياب، ونازك الملائكة... قدمت لينا الفرحان، المبدعة متعددة البراعات، في الرسم والشعر والخياطة والتطريز، إلى جنيف حيث طاب بها المقام منذ عقديْن من الزمن. ومثل الكثير من أبناء بلدها الذين تميّزوا بتجاربهم الفنية الراقية، وأفردت لهم swissinfo.ch العديد من المقالات وزارتهم في مدن سويسرية عدّة، تقول هذه المبدعة التي التقيناها في مدينة جنيف في منتصف مايو 2015 أنها "تهوى القراءة، وتحبّ اللّغات، والرّسم، والخياطة، وكل ما يحتاج إلى استعمال الأنامل للتعبير عما يختلج في النفس". هذا ما جعل أحد أكبر أمنياتها كما تقول "أن ألتحق بمعهد الفنون الجميلة في بغداد، لكن بسبب الأوضاع الإستثنائية التي مرّ بها العراق اضطررت إلى السفر مع أهلي إلى بلدان أخرى، مما اضطرّني إلى إكمال دراستي في مجال آخر، لكن الفن ظل يسري في دمي وعروقي..." كما كان لها أيضا أمنية بأن تكون مؤلّفة أو شاعرة، اقتداءً بالعديد من المؤلفين الكبار الذين كانت تقرأ لهم منذ الطفولة مثل مكسيم غوركي، وكبار الشعراء العرب والأجانب مثل مصطفى لطفي المنفلوطي وغيْره. وعندما تعود هذه الرسامة العراقية بالذاكرة إلى ظروف نشأتها الأولى تضيف: "أنا نشأت في مجتمع منغلق يقوم على كبت المرأة والتضييق عليها، وهذا ربما ما دفعني إلى تفجير أحاسيسي من خلال جداول وأعمال إبداعية من شعر، ورسم، وبراعات يدوية". وعن مهارة الكتابة، تضيف: "كان لي صديق أحبّه كثيرا، يسمعني ويداوي جراحي، ويخفف أحزاني،... وهو القلم، الذي كان يشاركني أفراحي، ويؤنسني في وحدتي، وفي التعبير عمّا يستهويني أو يختلج بخاطري". لكن هذه البراعة رافقها كذلك الرسم حيث توضّح لينا قائلة: "مع كل مقطع شعري أو خاطرة أكتبها، كنت أرسم وجوها دامعة، أو ضاحكة، هي في الحقيقة تجسّد وضعي النفسي الخاص، ومع تكرار هذا الأمر لفترة طويلة، أدركتُ أنني مؤهلة لممارسة أكثر من مهارة، وتساءلت لماذا لا أنمّي هذه الملكات الكامنة؟". عندها، قررت هذه الرسامة العراقية الإلتحاق بمرسم عام بجنيف، حيث بدأت الرسم على السيراميك، وإنتاج لوحات من الزجاج الملوّن، وتطريز الحقائب اليدوية المصنوعة من الجلد، والرسم على الحرير وإبداع لوحات فنية متعددة الألوان والتيمات... ثم تطوّرت التجربة وتراكمت اللوحات، فأصبحت تنظّم معرضا هنا وتشارك في آخر هناك، وهكذا تعددت مناسبات تواصلها مع الجمهور.