2015-10-10 

من يملك الخطة الأكثر حزمًا في التعامل مع العراق؟

ديفيد اغناتيوس

أصدر كل من إدارة الرئيس أوباما وتنظيم «داعش» بيانا جديدا هذا الأسبوع عن الحرب في العراق، هل تستطيع تخمين أي البيانين كان أكثر حزما؟ بمقتضى الخطة، سوف تعين الولايات المتحدة 450 مستشارا عسكريا إضافيا لتدريب مقاتلي العشائر السنّية في قاعدة جوية بمحافظة الأنبار، في خطوة اتخذت بعناية من أجل زيادة الأعداد. لن يذهب الأميركيون للقتال في صفوف العراقيين، ولن يشاركوا في الهجمات الجوية، وسوف يبقون في الغالب داخل المجمع المحمي، ويأمل الأميركيون أن يتم تجنيد السنّة من أجل مساندة الحكومة الشيعية التي يعارضها أكثرهم. على الجانب الآخر، تؤكد رسالة تنظيم داعش على أنها سوف تستمر في نهجها التدميري حتى تجبر السنّة على الخضوع لحكمها، في إطار حملة قوية تتمتع بزخم كبير. وتم نشر مقطع مصور، يوم الخميس الماضي، يحتفي بانتصارات تنظيم داعش منذ استيلائه على مدينة الموصل في يونيو (حزيران) الماضي. وتحت عنوان «عام بعد الغزو» جاء المقطع مليئا بالدماء والعنف، في رسالة مفادها أن هؤلاء المتطرفين لا يمكن إيقافهم. وعلى الجانب الآخر، تخوض الولايات المتحدة حربا منهكة نتيجة محاولتها بناء تحالف من العراقيين الذين يخشون بعضهم، بل وأحيانا يشمئزون من بعضهم بعضا. الاستراتيجية رائعة بمعناها الإنساني، حيث تحاول مجابهة الطائفية، والحفاظ على وحدة الدولة العراقية. مع ذلك لم تجدِ تلك الاستراتيجية نفعا، ومن غير المتوقع أن يطرأ أي تحسن سريع في ضوء التغيرات التي أعلنت خلال الأسبوع الحالي، لكن على الأقل لن تساهم التحركات الأميركية في تدهور الوضع، وسوف يترك الأميركيون الطريق مفتوحا أمام مصالحة سياسية تعد الخلاص الوحيد للعراق. من ضمن الأصوات التي تقف ضد الطائفية سليم الجبوري، وهو سني يشغل منصب رئيس البرلمان العراقي، ويعد مواليا لرئيس الوزراء حيدر العبادي. ووجود الجبوري في واشنطن، الأسبوع الحالي، لعرض مقترح تعاون المقاتلين السنة مع الحكومة لاستعادة مدينتي الموصل والرمادي، وغيرهما من مناطق السنة التي استولى عليها تنظيم داعش. ويدعو الجبوري إلى «تسليح العشائر حتى تتعاون مع الحكومة في مواجهة (داعش)». يبدو الكلام منطقيا حتى تتحدث مع أحد شيوخ العشائر، فقد قامت مجموعة صغيرة منهم بزيارة واشنطن أخيرا لطلب المال والدعم، والعامل المشترك هنا هو أنهم لا يثقون بالعبادي، حيث يقول الكثير منهم إنهم لن يقاتلوا مع الحكومة حتى تتأكد من قوة الجماعات المسلحة الشيعية المدعومة من إيران التي لا تقل عن تنظيم داعش قسوة وكراهية طائفية. ويرى مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية أن «الجانب السياسي سوف يكون هو الشق الأصعب»، حيث يقول إن التشريعات الخاصة بتشكيل وحدات حرس خاصة في المناطق السنية «قد عُلقت سياسيا» رغم ضغوط واشنطن على مدى عام كامل. وبين صفوف السنة الذين لا يملأهم الشك، هناك «مخاوف» من ترك الجماعات المسلحة الشيعية دون ضابط، ويتفق الجبوري مع هذا الطرح في محاولة لوصف الوضع بشكل مهذب. ويبين الوضع القاتم في مدينة الرمادي سبب صعوبة إقناع السنة بالتعاون مع الحكومة؛ فبعد انهيار الجيش العراقي، وهجرتهم من المدينة خلال الشهر الماضي، هرب آلاف السنة إلى بغداد بحثا عن الأمان والحماية من هجوم تنظيم داعش، إلا أن الجماعات المسلحة الشيعية أجبرتهم على العودة. ودفع اليأس الكثيرين منهم إلى العودة إلى ديارهم. وعرض المتطرفون في تنظيم داعش على العائلات عفوا، حال موافقتهم على انضمام أبنائهم إلى صفوف التنظيم. ويتساءل الشيخ زيدان الجبوري، شيخ إحدى عشائر مدينة الرمادي: «لا يريد العراقيون العيش في ظل تنظيم داعش، لكن أين لهم أن يذهبوا؟»، ويضيف أن عرض هؤلاء للعفو العام في الرمادي «يوضح أن تلك الجماعة قد غيرت استراتيجيتها على مدى الشهور الستة الماضية»، وأنها «تحاول كسب القلوب والعقول للحصول على قاعدة شعبية». لا يكمن الحل الصحيح في الأسلحة والأموال الأميركية فحسب، بل أيضا في المزيد من التمكين السياسي للسنة في العراق. مع ذلك، أنا أراهن على أن ما يشاهده العراقيون السّنة خلال الأسبوع الحالي هو مقاطع مصورة لانتصار «داعش»، لا أخبار واردة من واشنطن، حيث تظهر المقاطع ضرب أعناق، ورجما، واغتيالا من مسافة قريبة، وهدم مساجد، وكنائس المسيحيين، وهذا هو الوجه المأساوي لهذه الحرب. على مدى أكثر من عشر سنوات من السياسة الأميركية في العراق، وإدارتين أميركيتين متعاقبتين، وما بين حالتي المد والجز المتمثل في الغزو والتراجع، والهجوم والانسحاب، يبدو أن شيئا واحدا قد تغير، وهو توق الولايات المتحدة إلى أن يكون لحلفائها السيادة في ميدان المعركة في هذه الحرب. قد يحدث ذلك يوما ما، إلا أن ذلك المقطع المصور ينبئ بأن هذا لن يتحقق قريبا.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه