قوة التصنيفات الصادرة من بيوت الخبرة المالية العالمية دائماً ما تمنح المملكة تصنيفات متفوقة من جهة الاستقرار والفائدة الاستثمارية، تلك الجهات في الغالب يهمها كثيراً سمعتها ولا تستطيع المغامرة بإعطاء معلومات مضللة من شأنها القضاء على تلك الوجاهة التي اكتسبتها بسبب عدم محاباتها، إذ إنها غالباً ما تكون مرتبطة برؤوس أموال ضخمة أو تحاول فتح فرص استثمارية لرؤوس أموال كبيرة للدخول في الأسواق الواعدة. بالأمس كان دخول المستثمر الأجنبي في سوق الأسهم السعودية خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح؛ ستسهم في دفع السوق نحو النضوج، بمعنى رفع مستوى جودته بعيداً عن المبالغ التي ستدخل كاستثمارات، حيث سينعكس دخول المستثمر قوة في أداء الشركات وشفافية في أرقامها وبياناتها، كما أنه سيضع الاقتصاد السعودي تحت مجهر الفحص بشكل أكثر دقة ما سيدفع بالقائمين على الشركات في السوق إلى تقديم أفضل ما لديهم، كما أنه سيجعل الجهات التشريعية الاقتصادية في المملكة أكثر حرصاً من حدوث أي مخالفات، وأكثر صرامة في حال حدوث أي تجاوزات تتعلق بالقوانين الخاصة بالسوق المالية، لأن في ذلك إضراراً بالاقتصاد السعودي الذي يحظى نظامه النقدي والمالي بسمعة قوية ومتانة على المستوى الدولي، اتضحت أمام اختبارات عالمية عصفت بالاقتصادات الدولية عام 2008. في اللقاء الذي جمع خادم الحرمين الشريفين مؤخراً برجال الأعمال، وصف الملك سلمان بن عبدالعزيز اقتصاد المملكة بأنه اقتصاد حر، وجذاب، ويستقطب المستثمرين من الخارج لأنه مربح. كما تبعه لقاء آخر جمع الملك سلمان بن عبدالعزيز بمحافظ مؤسسة النقد فهد المبارك، أشاد فيه خادم الحرمين بالوضع المالي في المملكة، وأنه نتيجة لما تتمتع به البلاد من أمن واستقرار. تعكس لنا تلك اللقاءات الاهتمام الكبير من القيادة بالاقتصاد السعودي، في ظل رغبة كبيرة بتنويع مصادر الدخل في المملكة، لاسيما وأن الفترة الماضية اتسمت بتذبذب لأسعار النفط، لكن الوضع المالي والاقتصادي لم يتأثر كثيراً بسبب ذلك. اليوم أمام المشرّعين والاقتصاديين في المملكة مسؤولية كبيرة من أجل فتح السوق بشكل أكبر في مجالات عدة والترويج لربحيته، وجعله جذاباً، بإيجاد وتهيئة الفرص الاستثمارية للشركات الأجنبية سواءً أكانت صغيرة أو كبيرة والتي تجلب مع استثماراتها فرص عمل وخبرات تصنيعية وتكنولوجية، كل ذلك يتأتى عبر جهد مشترك ومتكامل لجميع القطاعات المعنية في المملكة التي تحظى ببنية تحتية متفوقة إقليمياً، إضافة إلى الكوادر البشرية المهيأة والتي تم استثمارها في برامج الابتعاث وغيرها، إضافة إلى الموقع الجغرافي والمكانة السياسية التي تضع المملكة كوجهة مغرية تحتاج منّا الكثير من العمل، والتركيز على قطاعات معينة.. في هذا الإطار يجب أن نستحضر التجارب السابقة لدول عرفت حجم قدراتها وركزت على ما تملكه وبرعت من خلاله، ولا ننسى أن اقتصاد سنغافورة -وهو أحد أهم اقتصادات العشرين- قام على إدارة الموانئ.