في دولة العسكر وفي غياب القانون وعندما تكون جميع السلطات في يد الرئيس العسكري تكمم الأفواه ، ويعدم المعارضون ، ويقبع الضعفاء والصغار في السجون. في مصر وفق لجنة حماية الصحافيين يقبع 18 صحافيا على الاقل في السجون المصرية معظمهم يواجهون اتهامات بالانتماء لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة التي ينتمي اليها الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو رقم قياسي في البلاد. وقالت اللجنة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في تقرير صدراليوم الخميس أن "السلطات المصرية تحتجز 18 صحافياً على الأقل لأسباب مرتبطة بتغطيتهم الصحافية" وذلك حسب إحصاء للصحافيين السجناء أجرته اللجنة في 1 يونيو 2015. واضافت اللجنة ان "هذا أعلى عدد للصحافيين السجناء في مصر منذ بدأت لجنة حماية الصحافيين في عام 1990 تسجيل بيانات حول الصحافيين المحتجزين". ويعمل معظم الصحافيين المحتجزين في مصر في "وسائل اعلام الكترونية"، بحسب لجنة حماية الصحافيين التي قالت انهم يواجهون اتهامات تتراوح ما بين "التحريض على العنف والمشاركة في التظاهرات غير المرخصة والعضوية في جماعات غير قانونية". واضافت اللجنة انها وجدت أن "الشرطة والادعاء العام يسيئون استخدام سلطاتهم في الحبس الاحتياطي"، منددة بالحالة "الرمز" للمصور الصحافي محمود ابو زيد المعروف ب"شوكان" و"المحتجز منذ حوالى سنتين دون أن توجه إليه السلطات أية اتهامات، ودون تحديد موعد لمحاكمته". وقالت اللجنة انها حاولت تلقي تعليقات من المسؤولين المصريين المعنيين حول الصحافيين المحتجزين والذي ارسلت لهم "قائمة باسماء الصحافيين السجناء" لكنها لم "تتلق ردا". وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين، ان "حكومة عبد الفتاح السيسي تعتمد أساليب قاسية لقمع الأصوات الناقدة، وذلك تحت غطاء إجراءات مكافحة الإرهاب". ووفقًا لرويترز قالت السلطات المصرية إن الجماعة تشكل تهديدا للأمن القومي، وتنفي اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان. ونفى بعض الصحفيين الاتهامات بأن لهم صلات بالجماعة. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصدر في الحكومة المصرية "هذه الأعداد غير دقيقة، وهذا التقرير غير موضوعي". وأضاف أن جميع الصحفيين المسجونين يواجهون اتهامات جنائية، ولم يسجنوا لأسباب سياسية أو بسبب حرية التعبير. وردًا على قول اللجنة "أن غالبا ما يكون اعتقال الصحفيين في مصر عنيفا، ويتضمن الضرب وإساءات أخرى ومداهمات لبيوتهم ومصادرة مقتنياتهم". نفى المصدر الحكومي الذي تحدث لرويترز اتهامات التعذيب كلها. ويضيف تقريرها "غالبا ما تكون الزنازين التي يودعون فيها مزدحمة وغير نظيفة. وقال بعض الصحفيين في رسائل أرسلوها من السجن إنهم لا يرون ضوء الشمس طوال أسابيع. ووصف آخرون عمليات تعذيب يتعرض لها السجناء بما في ذلك التعذيب بالصعقات الكهربائية". ولكن المصدر الحكومي قال "أي شخص يحتجز يقبض عليه بعد صدور أمر من النيابة العامة التي تشرف هي والمحاكم على كل منشآت الحبس. وأي شخص يدعي أنه عومل معاملة سيئة يمكنه تقديم شكوى للنائب العام أو المحكمة، وسيعاقب النائب العام أو المحكمة أي شخص يدان بارتكاب التعذيب". ويواجه الرئيس الحالي وقائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي الذي قاد عملية الاطاحة بمرسي في العام 2013، اتهامات من منظمات حقوقية دولية باقامة نظام اكثر سلطوية وممارسة "انتهاكات سافرة لحقوق الانسان خلال توليه السلطة" من نظام حسني مبارك الذي اطاحته ثورة شعبية في العام 2011. ومنذ الاطاحة بمرسي، شنت الاجهزة الامنية حملة قمع دامية ضد الاسلاميين ادت الى مقتل اكثر من 1400 شخص وتوقيف اكثر من 40 الف اخرين بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، وبعد ذلك امتدت الملاحقات لتشمل النشطاء العلمانيين واليساريين. وصدرت احكام بالاعدام على عشرات من انصار الاخوان المسلمين، بمن فيهم مرسي وكبار قيادات الجماعة، في محاكمات جماعية وصفتها الامم المتحدة بأنها "غير مسبوقة في التاريخ الحديث". واغلقت ست محطات تلفزيونية مؤيدة للاسلاميين بعد دقائق من اطاحة الجيش بمرسي في 3 تموز/يوليو 2013 كما جرى التضييق على معظم وسائل الاعلام المعارضة الاخرى، ومنعت عدد من البرامج أهمها وأبرزها برنامج البرنامج الذي يقدمه الإعلامي الساخر باسم يوسف والذي يعد أحد الأسباب في إسقاط محمد مرسي الرئيس الأسبق كما منع برنامج آخر كلام الذي يقدمه الإعلامي البارز يسري فودة، ومنعت الإعلامية ريم ماجد من عرض برنامجها الجديد جمع مؤنث سالم على أحد القنوات الخاصة. وحاليا تعتبر جميع وسائل الاعلام المصرية، خاصة وعامة، مؤيدة للسلطات الجديدة بقيادة السيسي وقالت اللجنة إن الحملة على حرية الصحافة تشمل أيضا فرض قيود شديدة على الصحفيين أدت إلى ضعف شديد في تغطية مناطق بالكامل صحفيا. وأضافت أن من أبرز الأمثلة على ذلك شبه جزيرة سيناء التي يخوض فيها الجيش حربا على جماعات متشددة سقط فيها مئات من رجال الشرطة وجنود الجيش قتلى منذ أطاح الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في أعقاب احتجاجات شعبية واسعة على حكمه عام 2013. وقالت اللجنة إن الصحفيين يمنعون من الذهاب إلى سيناء عند نقاط التفتيش أو من جانب الجماعات المسلحة. وقال المصدر الحكومي لرويترز إن هذا يعكس إنكارا للوضع الأمني على الأرض في سيناء حيث تدور العمليات لمكافحة الارهاب. وأضاف أنه عندما يمنع الصحفيون من دخول سيناء فهذا يحدث لأسباب أمنية وخوفا على سلامة الصحفيين وأرواحهم. وتقول منظمات حقوقية مصرية ان عدد الصحافيين المحتجزين اكبر بكثير من 18. وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان غير الحكومية في القاهرة فإن مصر تحتجز في سجونها 63 من العاملين في مجال الصحافة.