الأمن والتنمية حالة سيامية ضرورية وفصلهما يحدث إرباكاً مجتمعياً وحالة غير مستقرة ويلقي بظلاله سلباً على المجتمعات، فالأمن هو الحاجة التي تعقب حاجتنا للماء والهواء والغذاء حسب "نموذج ماسلو" للحاجات الأساسية، والتنمية اليوم التي يطمح لها المجتمع غير قابلة للتحقق ما لم يكن هناك أمن يحفز على إحداثها، بل إن الخطط التنموية لا طائل منها ولا جدوى إن لم يتوفر الأمن، لذا نرى أن الشركات الكبرى الدولية عندما تستثمر في أي بقعة حول العالم تنظر إلى مستوى الأمن والاستقرار بوصفه تربة خصبة تنمو بها أعمالها وتزدهر، والمستفيد من هذه العملية في نهاية الأمر هو المواطن. تدفع المملكة اليوم بكل قدرتها خلف تعزيز الأمن والتنمية فتسخّر إمكانياتها المادية من أجل توفير بنية خدمية وبيئية يستطع المواطن العمل من خلالها والشعور بالرضا والاطمئنان؛ وهذه مسؤوليتها لا مسؤولية أحد آخر، واستحقاق الأمن والتنمية أصبحت تفرضه اليوم الأحداث الإقليمية والدولية، والمتمعن للارتباك الحاصل في المنطقة يجد أحد أسبابه الافتقاد إما للأمن أو التنمية أو كليهما، لذا كانت القيادة في المملكة حريصة على تعزيز هذين العنصرين والتأكد من وجودهما عبر الاجتماعات التي تعقدها مع أمراء المناطق والمحافظين المناط بهم تلبية احتياجات المنطقة.. لكننا اليوم يجب أن ندرك بأن طموح المواطن يأخذ مساراً تصاعدياً في ظل حالة الرخاء والاستقرار التي تعيشها المملكة؛ مما يجعل استحقاق التنمية أمراً لابد منه. يتيح اجتماع أمراء المناطق فرصة للنقاش، وطرح الأفكار وتداولها، وتقييم العمل المنجز والمتعثر، ومعالجة العقبات التي تواجه الخطط والمشروعات المقرة من قبل الحكومة، واستيفاءها لما يطلبه المواطنون الذين يقطنون المحافظات والمدن والذين تتزايد أعدادهم بشكل واضح ما يفرض عدة اعتبارات، أولها: إعطاء صلاحيات واسعة لمجالس المناطق من خلالها تتحقق السرعة في الإنجاز، والتخفيف من المركزية، والإجراءات البيروقراطية التي أضرت كثيراً بمرونة العملية التنموية، والثاني: إعادة تقييم تصنيف المحافظات لتلبية احتياجاتها من الميزانية، بالنظر إلى ما ذكرنا مسبقاً من تزايد أعداد قاطني تلك المحافظات.. ما يفرض هذه الخطوة بشكل واضح وصريح، الاعتبار الثالث: إشراك القطاع الخاص في العملية التنموية من خلال المشروعات والاستثمارات وتحفيز رؤوس الأموال للمشاركة بشكل جاد في تنمية المحافظات بكافة فئاتها الأمر الذي ينعكس فرصاً وظيفية وحركة اقتصادية واستقراراً لسكان تلك المحافظة والتخفيف من الهجرة نحو المدن. إن الأخذ بالاعتبارات السابقة على الرغم من أنه سيحقق مرونة تنموية وتقليصاً في دورة العمل، إلا أنه سيفرض على أمراء المناطق مسؤولية كبيرة في تنفيذ الخطط التنموية لكل منطقة وتقييمها، ويسهم في توضيح الرؤية حول مستقبلها وكشف مكامن الخلل فيها والتأخير. جريدة الرياض