قدمت الإمارات درسًا عمليًا، وعبر القانون، بصدور حكم محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، القاضي بإعدام (آلاء الهاشمي) التي قتلت أميركية في مول تجاري بأبوظبي، وهي التي عرفت بـ«شبح الريم»، رافضة الدفع بأنها مريضة نفسيًا، ومثبتة أنها إنسانة متطرفة تغذت من خلال الإنترنت. الجريمة لم يمر عليها عام، حيث إن القاتلة نفذت جريمتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. هل يوجد من يشك أن «كل» العرب والمسلمين يخوضون حرب وجود مع جماعات التطرف المسلحة؟ تابعت ما جرى في مصر في الذكرى الثانية لثورة المصريين ضد جماعة الإخوان، حيث تم اغتيال النائب العام بسيارة مفخخة، والآن وأنت تطالع هذا المقال تخوض مصر حربًا كبرى مع أعضاء الجماعات القطبية الداعشية في شمال سيناء. في الكويت، وبعد جريمة مسجد الصادق ضد المواطنين الشيعة، دخلت الكويت في طريق جديد، وقررت الحرب الشاملة على المتطرفين المسلحين، من دواعش وغيرهم، واتخذت سلسلة إجراءات، ومنها تشريعات مشددة. في تونس بعد جريمة شاطئ سوسة، دخلت دولة تونس في حرب مفتوحة مع الجماعات الدينية المسلحة، وهي مقبلة على إجراءات قاسية كما قال الرئيس الباجي السبسي. حتى في أوروبا، قال رئيس الحكومة البريطانية، إن بريطانيا تخوض حربًا وجودية مع الجماعات المتشددة وفي مقدمتها «داعش». يجب أن نرى الصورة الكبرى، ليست الصغرى، فليست المشكلة محدودة ببلد دون آخر، مثل إقصاء مرسي وإخوانه وعشيرته من الحكم، وحسب، أو بسبب طائفيات دشتي أو الطبطبائي، مثلاً، في الكويت، وليس بسبب فترة حكم بن علي في تونس، والمؤامرات السرية لضرب حزب النهضة الغنوشي، أو في سلوك البوليس البريطاني كما يزعم المدافعون عن «دواعش» بريطانيا. كل هذه تضيق مدى الرؤية، لأن المشكلة أعمق وأشمل، إنها في «العقل» المهيمن على وجدان الفتية والفتيات، والجهلة والعوام، من المسلمين، ومن يغذيهم من شيوخ الفتنة، وسقاة التطرف، سنة وشيعة. بكلمة أخرى، ومع الإقرار بوجود أسباب سياسية، وظروف خاصة بكل بلد، وأيضا جهات ومخابرات توظف كل هذه الجماعات، بعلمها أو من دون علمها، لضرب خصومها من الدول العربية، خصوصا السعودية ومصر.. مع إقرار هذا، لكن يجب ألا يزيغ بصرنا عن الصورة الكبرى، وهي وجود عطب عميق في الثقافة التي يصدر عنها جنود وأنصار «القاعدة» و«داعش» والإخوان. عطب هو مصدر البلاء، هو المتروك بلا دواء. قال الرئيس المصري، وهو يشيع جنازة النائب العام هشام بركات، نحن نخوض حربًا مع عدو خسيس، والقانون ضعيف، ويجب توفير العدالة الناجزة فورًا، والآن هناك توجه لإصلاح تشريعي يواكب خطر الإرهاب. في الكويت قال وزير الداخلية الكويتي، نحن نخوض حربًا حقيقية، وهناك فعلاً سعي لتشريعات وسياسات جديدة لمحاربة الإرهابيين ومن ينظر لهم. الحسم في الحرب، يوفر عليك تكاليف كثيرة، يتسبب بها التراخي والتسويف. إنها الحرب التي تأخرنا كثيرًا في خوضها.