بصراحة، لو تمت السيطرة على «تويتر»، وأشباه «تويتر»، لما بلغت «داعش» هذا المستوى من التضخم والتوسع. قلت هذا الكلام مرارًا، هنا في هذا المكان، وغضب من كلامي كثر من عشاق السوشال ميديا، لكن الأيام تثبت كل يوم صحة هذه الخلاصة. تخيلوا كلفة العمل العسكري والأمني الذي تسببت به «داعش» للعالم كله، ومئات المؤتمرات واللجان المستنفرة لـ«تجديد الخطاب الديني»، والكلام عن المؤامرات الخفية لشتى المخابرات الدولية لدعم «داعش». لسنا بحاجة لهذا كله، فمن أجل تحجيم «داعش» ومنع «ماسورة» التجنيد والتحشيد، المطلوب، حاليا، فقط إقفال هذه الماسورة التي اسمها: «تويتر». هل تريد أن تقول إن مراهقًا جاهلاً، أو شابًا من «أحلاس» الشوارع، يعي تاريخ كلمة «خلافة» وفقه الأحكام السلطانية، والسياسة الشرعية، ويعرف من هو الماوردي والشاطبي، وكتبًا مثل سراج الملوك للطرطوشي، وغياث الأمم للجويني، وتفاصيل مثل دار الحرب ودار الإسلام، وولاية المتغلب، وشروط الإمامة الكبرى والصغرى، وعهود الأمان، والمصالح المرسلة، والعلاقات بين المسلمين وغيرهم، وعشرات التفاصيل المؤسسة لكيفية فهم السياسة من منظور الميراث المسلم الممتد لألف وأربعمائة عام؟! فتيان وفتيات، ومرضى «داعش»، جهلة يمتلكون جرأة الجاهل، ولديهم خيالات مريضة، لا حل معهم إلا بالقانون والقوة، وليس بفتح الحوارات العقيمة. لكن حتى يتم النصر، فإنه يجب إغلاق الماسورة التي يتدفق منها السم الداعشي، فمن خلال الإنترنت، وفي مقدمه «تويتر»، يتفشى وباء «داعش»، وإلا فكيف نستوعب أن أرملة في قرية نائية، تصل لمرابع «داعش»، عابرة المطارات والحدود، وهي ربما لم تخرج قبل من حدود قريتها؟! «تويتر» هو من وفر الوسيلة. لست أعرف كيفية منع النزيف، ولست أدري عن فعالية قوانين محاربة الجرائم المعلوماتية، لكن الأكيد أن منع «داعش» وأمثالها من ثمرات الإنترنت بات مسألة حياة أو موت. سيقولون لك، إن «داعش» و«القاعدة» هي نتيجة القمع السياسي، وفقدان الحرية، وإن المنع ليس هو الحل، والجواب: هذا هراء، بل المنع هو الحل، مثلما تمنع المجنون أو الطفل من العبث برشاش كلاشنيكوف مذخر. أوروبا كلها، والعالم العربي، أدركوا، ومع كل خبر عن انضمام شاب أو شابة أو حتى أسرة كاملة لـ«داعش»، أن البداية كانت من الإنترنت و«تويتر». فماذا بقي؟! السعودية حذرت مؤخرًا من 3 ملايين تغريدة «داعشية» على «تويتر»، وأكثر من مليون وسبعمائة ألف مقطع فيديو إرهابي، وقال عبد المنعم المشوح رئيس حملة السكينة في السعودية، التي تكافح الفكر الإرهابي، لـ«العربية نت»، إن «تويتر» كان رقم واحد في مساعدة السعوديين المنضمين لـ«داعش». وقال مارك والاس، رئيس مشروع مكافحة التطرف في أوروبا، لـ«الشرق الأوسط»، إن أكثر من 40 ألف حساب داعم لـ«داعش» موجود على «تويتر». الحقيقة واضحة لمن يريد أن يرى، تصرفوا مع هذه القنوات المدمرة، أما الإصلاح الديني أو السياسي، فموضوع آخر، و«لاحقين عليه».