الإرهابيون استولوا على الحقيقة بعقلية واهمة، واجمة، متفاقمة محتدمة، فتكوروا عند نقطة الصفر، وظنوا أنهم يستطيعون الوصول إلى الجنة عن طريق جحيم أشعلوا ناره وأواره، ورفعوا أسواره حتى صارت الحياة في عيونهم مثل ثقب إبرة، يمرون من خلالها بأحزمة تفجير، وسيارات مفخخة.. هؤلاء الذين هجروا الحضارة الإنسانية وسكنوا في صحراء عقلية قاحلة، مضمحلة، لا فيها شجر ولا نهر ولا بشر.. هؤلاء عبثيو العصر الحديث الذين سخطوا ورهطوا ورهقوا، ومرقوا وسرقوا الحقيقة، ذاهبين إلى فضاءات مغبرة مبشرة مقفرة، لا ماء فيها ولا هواء فهم في حربهم مع الحقيقة قالوا سنأوي إلى جبل يعصمنا من الماء، ولا يعرفون أن الله سبحانه وتعالى لا تقوى عليه قوّة في الأرض؛ لأنه هو الحقيقة وهو مالك الملك لا شريك له، هؤلاء الذين حللوا ما حرم الله وقتلوا النفس من غير ذنب ونسوا أن من قتل نفساً من غير نفس كأنما قتل الناس جميعاً، وهم الذين يعتصمون بتأويل وتفاسير، فأقضت الدين وخالفت شرع الله ودمرت ما بناه الإنسان وخربت ما أشاعه الإسلام من حب وتآلف وتكاتف بين الشعوب، فالله أمر عباده بأن يعمروا الأرض؛ لأن الإنسان خليفة الله في الأرض والإنسان وحده الذي أنيطت به مسؤولية الحفاظ على منجزات الكون لتظل الحياة مستمرة ويبقى البشر في عيش لا تنغصه ملل ولا نحل؛ لأن الأصل في الدين الاتفاق على ما ينفع الناس، وينير طريقهم إلى غد يزدهر، بالتصالح مع الذات، ثم بناء علاقة سليمة مع الآخر. الإرهابيون أدوات سيئة لا تصلح أبداً لإنشاء حضارة قويمة ومستقيمة، هؤلاء خرجوا عن الصف؛ لأنهم بنوا أفكارهم على أسس مغلوطة ومبادئ خربة أشبه بالبيوت القديمة المهجورة.. هؤلاء لا يملكون لغة الحوار؛ لأن الجهل أخرس ألسنتهم وشل عقولهم، وأعمى بصيرتهم، هؤلاء يعيشون خارج التاريخ، في أقصى مناطق البؤس واليأس والرجس الإنساني. جريدة الاتحاد