2015-10-10 

محطات من حياة عميد الدبلوماسية السعودية

من الرياض،غانم المطيري

ظل الأمير سعود الفيصل مهندس السياسة الخارجية السعودية لأربعة عقود عاصر خلالها أربعة ملوك سعوديين ورسم سياسة المملكة وتحديد مواقفها تجاه حروب وأحداث تاريخية كبيرة شهدتها منطقة الشرق الأوسط. وبحسب دويتش فليه علاقة الراحل العربية والدولية كانت قوية ليس مع نظرائه من وزراء الخارجية وإنما مع الرؤساء والملوك والأمراء أيضا مثل ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز الذي لم يستقبل الفيصل ويلتقيه في بريطانيا فقط وإنما زاره في السعودية أيضا. وخلال العقود الماضية نسج الأمير سعود الفيصل الذي يتكلم ايضا الألمانية من ضمن سبع لغات يتقنها، علاقات صداقة قوية مع صناع القرار الألماني منهم وزير الخارجية الألماني الأسبق، المخضرم ديترش غينشر. وتطورت العلاقات السعودية الألمانية بشكل ملحوظ، في ظل حكم المستشار السابق غيرهارد شرودر والحالية انغيلا ميركل، وأصبحت المملكة العربية السعودية الشريك الأول لألمانيا في منطقة الخليج. وتمتع الأمير سعود الفيصل بعلاقات جيدة مع فاروق الشرع نائب الرئيس السوري والذي كان قبل ذلك وزيرًا للخارجية، ولعبا دورًا كبيرًا في إقامة علاقات جيدة بين بلديهما، لكن بعد اندلاع الثورة السورية وتأييد السعودية والفيصل نفسه للمعارضة السورية انقطعت العلاقة بينهما ولم يلتقيا بعد ذلك. الأمير سعود الفيصل لم يكن مؤيدًا لتسليح المعارضة وإسقاط الأسد بالقوة فقط، وإنما كان يدعو لإيجاد حل سلمي أيضا للأزمة السورية ومن هنا كانت مشاركته في مؤتمر جنيف 2 حول سوريا. بحسب دويتش فليه كان الأمير معروفا باتزانه وهدوئه ودبلوماسيته الماهرة، لكنه كان صارمًا في نفس الوقت. فرده بحزم على رسالة بوتين حول سوريا إلى القمة العربية في شرم الشيخ معروف، حيث قال: "هو يتكلم عن المشاكل التي تمر بالشرق الأوسط وكأن روسيا ليست مؤثرة على هذه المشاكل (...) يمنحون من الأسلحة إلى النظام السوري ما هو فوق حاجته لمحاربة شعبه (...) آمل أن يصحح الرئيس الروسي خطابه. وحرص الفيصل على إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار من بينها العراق، رغم مواقف صدام والحكومات اللاحقة السلبية من السعودية وخاصة المالكي، سعى رئيس الدبلوماسية السعودية إلى تحسين العلاقات مع العراق والتقاء مسؤولين عراقيين. ساهم الأمير سعود الفيصل بفعالية عام 1989 في عقد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية التي تزامن اندلاعها عام 1975 مع توليه منصبه كوزير للخارجية السعودية. وظل داعما للبنان واستقراره وشارك في مؤتمرات دعم لبنان مثل مؤتمر المانحين الذي عقد عام 2002 في باريس بمشاركة رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري. مصر كانت دائمة مهمة للسعودية والعلاقة بين الدولتين قوية وكان للوزير الراحل دور بارز في ذلك. لكن بعد إسقاط نظام مبارك ومجيء الرئيس المعزول محمد مرسي أصبحت العلاقة فاترة بين البلدين، حتى الإطاحة به وتولي قائد الجيش السابق عبدالفتاح السيسي الرئاسة حيث دعمته المملكة وعاد الدفء إلى العلاقة بين البلدين. القضية الفلسطينية كانت تشغل الفيصل كثيرًا وكان حريصًا على دعم الفلسطينيين وتوحيد صفوفهم ولعب دورًا كبيرًا في المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس التي دعا قادتها إلى المملكة وبحث معهم إنهاء الخلافات مع حركة فتح وتشكيل حكومة وحدة وطنية. عام 2002 دعم الفيصل وساهم بشكل كبير في بلورة مبادرة الملك عبد الله التي قدمها للقمة العربية في بيروت لحل المشكلة الفلسطينية والسلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة وتسوية مشكلة اللاجئين. وقال لإسرائيل في ذلك الوقت إنها إذا قبلت الاقتراح فستقيم المنطقة كلها سلاما معها وتعترف بحقها في الوجود. وكان يعتبر من مؤيدي سياسة الحذر إزاء اسرائيل. ولعب الأمير الراحل دورًا كبيرًا في رسم سياسة المملكة تجاه اليمن والحرص على استقراره، لاسيما في السنوات الأخيرة. وحين دخل الحوثيون إلى صنعاء وانقلبوا على الرئيس عبد ربه منصور هادي، اتخذ الفيصل والمملكة موقفا حازما واستقبلت هادي وحكومته ووفرت له ملاذا في الرياض وقادت تحالفا عربيا لمحاربة الحوثيين.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه