أربعة أعوام مضت على اندلاع الثورة الليبية وانهيار نظام القذافي بعد أربعة عقود من حكمه الفردي وقبضته التي منع بها الليبيون من تجربة وممارسة كل أشكال العمل السياسي ، وهو الأمر الذي تكشّف بعد رحيله في حالتي الضياع السياسي والفراغ الأمني الذي تعاني منه البلاد حاليا واستغلال أراضيها وثرواتها للأعمال الإرهابية ، وحتما لن يكون آخرها الجريمة الإرهابية البشعة التي خسرت فيها مصر واحد وعشرين من أبنائها الأقباط على أيدي التنظيم الإرهابي " داعش" في الأراضي الليبية ، وهو ما حدا بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اثناء زيارته لفرنسا إلى. دعوة المجتمع الدولي لاستصدار قرار من مجلس الأمن يمنح تفويضا بتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا، في ضوء الأعمال الإرهابية المتكررة للجماعات الارهابية هناك ، وذلك بجانب الضربات الجوية التي نفذتها مصر على معاقل التنظيم بمشاركة القوات الليبية . وكثير من المراقبين السياسيين يدركون تماما بأن الحالة التي تعاني منها ليبيا ليست وليدة الفراغ ، بل أنها كانت متوقعة في ظل منع النظام السابق لمظاهر المشاركة الشعبية وبناء قاعدة سياسية أو مجتمع مدني ، وهذا ما يفسر حالة التجاذابات والصراع الدائر اليوم بين القوى السياسية الليبية الذي يزيد من صعوبة القدرة الليبية على مواجهة التنظيمات الارهابية . كما أن الشعب الليبي حتى اليوم لم يصحو على بياض فجر جديد يمسح من ذاكرته تلك العتمة التي ارتبطت في ذاكرته مع الثورة التي صاحبتها المواجهات النارية وضربات الطائرات الغربية ، بل أن ظاهرة انتشار السلاح قد زادت ،وتزايدت معها وتيرة الحوادث الأمنية وجرائم الاختطاف والتفجيرات، وهي كلها ظواهر تثير يوميا التساؤلات حول مدى إمكانية قدرة الأمن الليبي على التصدي للميليشيات المسلحة التي لا تزال منتشرة . وفي ظل هذا الوضع المتأزم امنيا يتزايد السخط الشعبي ويتضاعف الإحباط السياسي ويخبو ألق الانتصار الثوري. فلا تزال عمليات التنمية وترميم البنية التحتية المتضررة من المواجهات الميدانية والضربات الجوية معلّقة برغم ما تدّره إيرادات ليبيا النفطية . ووسط هذه الظلامية الواقعية لم تعد ايقونات الأمن والاستقرار والحرية ترادف مفردات مرحلة ليبيا ما بعد الثورة . بل هي ابعد ما تكون عن واقع ضبابي تعيشه ليبيا ولا تعرف متى ينقشع عن سمائها .