على مدى 3 أيام استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في العاصمة السعودية الرياض، ثلاثة زعماء خليجيين، أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، ثم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ثم أمير قطر تميم آل ثاني. منذ تسلم الملك سلمان قيادة السعودية وهو يستثمر كل لحظة للقيام بمسؤوليات القيادة داخليا وخارجيا، وكان من الطبيعي أولا البدء بترتيب البيت السعودي الداخلي، ثم الالتفات للبيت الخليجي. دول الخليج هي السور المتين الذي يسند عليه الخليجيون من داخله ثقتهم، والعرب خارجه مفزعهم في الملمات. هناك مخاطر إقليمية مشتركة تهدد دول الخليج، وفي تضامن الجهود واتحاد الرؤية، وتوحيد السياسات، قوة ومنعة لهذه المجموعة الفريدة، والعكس صحيح، تبعثر الجهود وتضارب الرؤى وتفرق السياسات وهن لهذه الدول. في اليمن الخطر مشترك، وفوضى بلاد بلقيس تنعكس على الكل. نعم قد تكون هناك خلافات في وجهات النظر هنا أو هناك، وهذا مقبول ومعقول، كما سمعت مرة من صاحب شأن، لسنا حالمين حتى نطلب تناسخا في الرأي، لكن ثمة لحظات لا يمكن فيها قبول ترف الاختلاف، لأن قبوله، وما يترتب عليه من سياسات، يعني أن يتضرر الكل، صاحب الرأي، والرأي الآخر! مصر تعلن الحرب على إرهابيي ليبيا، وترسل مقاتلاتها الجوية لضرب معاقل «داعش» الليبية، تناصرها دول الخليج. ويدعو رئيس مصر لبناء تحالف دولي ضد إرهابيي ليبيا، على غرار التحالف الدولي في سوريا، الذي تعتبر السعودية هي عماده العربي. تضافر السعودية والإمارات هو مرتكز القوة لكل جهد يبذل للحرب على الإرهاب في هذه المنطقة، وعلى متون هاتين الدولتين بني العمل. من هنا كان كلام ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، عقب اجتماعه مع الملك سلمان في الرياض، دقيقا، فقد قال الشيخ محمد، حسب وكالة أنباء الإمارات، إن العلاقة بين بلاده والسعودية «خاصة»، باعتبارها «العمود الفقري لأمن المنطقة»، مؤكدا أن الخليج والمملكة «بأيد أمينة» في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. سفير السعودية لدى الإمارات محمد البشر ذكر لهذه الصحيفة أن المملكة والإمارات في بوتقة واحدة منذ سنوات كثيرة، ممثلا بتحالف الدولتين لمحاربة الإرهاب «الذي أراد أن يسرق الإسلام». صوت خليجي آخر، تحدث بالتزامن مع هذا النشاط الخليجي الكبير في الرياض، ووضع يده على مكمن الداء، ذاكم هو ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذي كتب مقالة في الـ«ديلي تلغراف» البريطانية حول الحرب العالمية على الإرهاب. وخلاصة مقالته الأهم هي قوله: «سينحسر مد هذه الجماعات وسيعود، لكن في غضون ذلك لا يجب أن نغفل عن محاربة وهزيمة الآيديولوجية التي يستندون إليها». نعم الخليج يحارب الفكر الذي أنتج الإرهاب، وليس الجماعات المسلحة فقط، وعلى من لم يدرك إطار الصورة بعد، خارج الخليج أو داخله، أن يمسح غبش الرموش. *نقلاً عن "الشرق الأوسط"