نقلت وكالة بي بي سي للأنباء عن صحيفة الغارديان اهتمامها حول الضربات التي بدأتها تركيا لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وسماح أنقرة للولايات المتحدة باستخدام قاعدة جوية لضرب التنظيم المتشدد وهو ما وصفته الصحيفة بالأحداث التي قد تشكل تحولا تاريخيا في منطقة الشرق الأوسط. وتقول الصحيفة إن اتباع تركيا للتوجه الذي يدمج بين التحركات العسكرية وتزايد إحكام القبضة الأمنية واعتقال عدد من المشتبه بأنهم عملاء لتنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد قد يسفر بالفعل عن تعزيز نتائج الحملة الجوية وتقليص تدفق الأموال والأسلحة والراغبين في الإنضمام إلى "داعش". وأضافت أن تلك المكاسب لن تكون التبعات الوحيدة لهذا التوجه الذي سوف يسفر أيضا على نتائج أكثر تعقيدا على الأرض في تركيا. وأوضحت الغارديان أن المشكلة هي أن أنقرة منذ البداية كانت تحاول الحفاظ على حالة العداء بين تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني، وعلى الرغم من مفاوضاتها مع الحركة الانفصالية الكردية العريقة والزعيم المسجون عبد الله أوغلان، منذ عام 2012، إلا أنها أيضا سعت إلى تقوية شوكة تنظيم الدولة في مواجهة الأكراد. لكن يبدو أن تركيا، بحسب الغارديان، خشت مؤخرا من اندلاع القتال بين الحزب الكردي والتنظيم المتشدد على الاراضي التركية وخاصة بعد عملية سروج الانتحارية التي أسفرت عن مقتل 32 شخصا في بلدة بالقرب من الحدود السورية وأعقب ذلك هجمات حزب العمال الكردستاني على الشرطة التركية، يفترض لفشلها في حماية الأكراد. وأضافت الغارديان أن المفتاح الرئيسي لفهم موقف تركيا المتناقض يتمثل في الخوف من احتمال انتصار الأكراد في نهاية المطاف الأمر الذي قد يشجعهم على المطالبة بالحكم الذاتي وهو ما ترفضه تركيا. وأردفت الغارديان أن السيناريو المثالي بالنسبة لتركيا بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية يتمثل في هو عودة العراق وسوريا دولا متماسكة وقوية تتولى حل أزمات أقليات الداخل بها وتترك تركيا لتواصل التفاوض مع الأكراد على أراضيها. وتوقعت الصحيفة أن تنعش الضربات الجوية آمال مفاوضات السلام بين أنقرة والحركة الإنفصالية الكردية. وتقول صحيفة الإندبندنت البريطانية أن التفجير الذي وقع في سروج على الحدود التركية السورية قد يكون هو السبب وراء التغير الدرامي في أولويات السياسة التركية. وترى الصحيفة في افتتاحياتها ما وصفته بالتصعيد على الجانب التركي رغم تأخره خطوة تتسم بالشجاعة بعد أن اتضح صعوبة هزيمة تنظيم الدولة بمعزل عن مشاركة الدولة العربية والإسلامية التي تمثل القوى السنية الكبرى في المنطقة. وقالت الصحيفة إن آمال دحر توسعات التنظيم المتشدد تتعلق بشحذ دول مثل مصر والأردن همتها لمواجهة التنظيم وهو ما سيحفز ما وصفته الصحفية بالصحوة السنية في المنطقة. وأضافت الاندبندنت أن أولويات السياسة التركية التي ظلت عيونها مركزة لسنوات على دمشق واطاحة بشار الأسد كشرط لنزع فتيل الأزمة في المنطقة حيث أدى إلى لفت نظر أنقرة إلى ان تنظيم الدولة سيكون خارج السيطرة حال سقوط الأسد. وأشارت الصحيفة إلى أن المنعطف الجديد الذي اتخذته تركيا قد يكون سببا في زيادة التوتر وتزايد العمليات الارهابية داخل الأراضي التركية والتي سيدفع ثمنها مدنيين في الأغلب لكنه أيضا سيكون سببا في أن العالم سيكون مكان أكثر أمانا في وقت قريب.