شدّد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على تمتين العلاقات مع دول الجوار خلال زيارته الكويت وقطر، وهو تمسّك بلهجة تطمينية، قائلاً في تصريحات له بالكويت: «أي تهديد لدولة واحدة هو تهديد للجميع، ولا يمكن أي دولة أن تحل المشاكل الإقليمية من دون مساعدة الآخرين». وأضاف أن «ما تحتاج إليه المنطقة ليس تغييراً سياسياً من إيران، بل تغيير في السياسة من بعض الدول التي تسعى الى النزاعات والحرب»، موجّهاً رسالة ضمنية الى السعودية. حوار دول الخليج مع إيران منهج سياسي جيّد، بل ومطلوب في المرحلة المقبلة، على رغم تناقض تصريحات طهران ودعمها عمليات تخريب وتمرُّد في المنطقة. لكن المشكلة تكمن في أسلوب تنفيذ هذا الحوار. إيران لا تعترف بمجلس التعاون، وتعتبره تجمُّعاً إقليمياً موجَّهاً ضدها، ولهذا تسعى على الدوام إلى التعامل مع دول المجلس في شكل منفرد، وهذه السياسة ساهمت في إضعاف دور مجلس التعاون وغياب تأثيره في توحيد مواقف دوله تجاه السياسة الإيرانية. وأكبر دليل هو رفض طهران مناقشة قضية الجزر الإماراتية المحتلّة من خلال وفد يمثّل المجلس. لهذا أصبحت لدول مجلس التعاون سياستان تجاه الجار الإيراني: سياسة متوجّسة ومتوتّرة لجهة الموقف الجماعي لدول المجلس، والتي عبّرت عنها تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني قبل أيام، وسياسة أخرى هادئة ومنفتحة على صعيد العلاقات المنفردة بين دول في الخليج وإيران. والمطلوب الذي لم يتحقق هو تسخير التفاهم الثنائي مع طهران لدعم العمل الجماعي وتفعيل مظلة مجلس التعاون لا تهميشها والتقليل من أهميتها، والسعي إلى وقف أي تحرُّك يكرّس عدم اعتراف إيران بالمجلس، وإقناعها بأنه لا يعمل الآن استناداً الى ظروف تأسيسه، والتلويح لطهران بأنها يمكن أن تكون جزءاً من هذه المنظومة الإقليمية في المستقبل إذا غيّرت سياستها وأصبحت تتعامل مع دول الخليج بمنطق المصالح وحسن الجوار. بعض المواطنين في دول الخليج ينظر بحيرة الى زيارة وزير خارجية إيران دولاً في الخليج دون غيرها. هل التحرُّكات المنفردة تهدف الى لعب دور الوسيط بين طهران من جهة والرياض والمنامة من جهة أخرى مثلاً؟ لكن هذا التفسير يعني أن الوسيط ينأى بنفسه عن موقف طهران من بقية العواصم، وهو موقف يصعب تخيُّله، فضلاً عن قبوله. وبصرف النظر عن أهداف زيارة ظريف، وما قيل في كواليسها، فإن علاقة بعض دول مجلس التعاون مع إيران تعكس مشكلة عميقة في علاقاتها بعضها مع بعض، ورؤيتها الأخطار الإقليمية المحيطة بها، لذلك فإن حل المجلس ومعاودة تشكيله بناء على أهداف سياسية جديدة، باتا خياراً ضرورياً في هذه الظروف، حتى لا يلقى مصير جامعة الدول العربية، بخاصة أن ضم الأردن مازال مطروحاً، ودخول الأردن في التشكيل المحتمل، ربما شكّل إضافة مهمة في هذا الوقت. سياسة المجاملة بين دول مجلس التعاون لم تعد مقبولة، ولا مفيدة، لذلك لا بد مما ليس منه بد. من جريدة الحياة