2015-10-10 

الحبس الاحتياطي والحرية

يعقوب الشراح

جُبل الفرد الكويتي على الحرية والديموقراطية تحت مظلة الدستور، وفي السياق العام لمفهوم الدولة وموجبات المواطنة فإنه أكثر حرصاً وتمسكاً بمبادئ تتطلب سلوكاً منضبطاً ومتوافقاً مع معايير المحافظة على الوطن، وتلبية مسؤوليات الدفاع عنه أثناء الملمات والمحن، ولعل خير مثال لذلك التلاحم الوطني أثناء الغزو العراقي، وسرعة التماسك والتكاتف مع القيادة السياسية. لهذا فإن محور الحريات في الحياة العامة للناس له أهمية بالغة عندما يستند على القانون والأخلاق. نقول ذلك بمناسبة ما يتردد من أن الحكومة عازمة على تعديل القانون رقم (13) لسنة (2013) بإصدار مرسوم ضرورة يتيح تمديد فترة الحجز الاحتياطي بناء على اقتراحات الأجهزة الأمنية، ومع تقديرنا الكامل للأجهزة الأمنية ورسالتها السامية في حماية الناس والوطن من شر المفسدين والطامعين يظل محور الحريات شأناً عاماً ومشروعاً غير قابل للانتهاك مهما كانت دواعي تقييده باعتباره من العناصر الداعمة للأمن والمؤثر في المواطن للتفاعل مع الظروف التي تحيط به. لهذا لا ينبغي الخلط بين الحريات والأمن، فكلاهما وجهان لعملة واحدة. إن الحاجة للحريات مثل الحاجة لتطبيق القانون، كلاهما أيضاً من أسس الحضارة، وشواهد للتقدم والاستقرار. فالحرية في إطار القانون تمنع انفلاتها أو اعوجاجها، وبالتالي لا تقلق السلطة من تجاوز الناس لسقف الحرية أو أنها بحاجة إلى فرض عقوبات مشددة على الحريات ظناً أنها ضرورة من أجل استتباب الأمن، ومواجهة المخربين والطامعين. فعلى العكس فإن التفكير في تقييد الحريات سيؤدي إلى صدام ومواجهات، واختلال له انعكاسات غير محببة على المدى البعيد. هذا التصور في العلاقة بين الحرية والقانون لا يعني إيجاد مبررات للتساهل مع المجرمين الذين ينوون الإساءة للدولة بحجة أنها حرية لا تحتاج إلى مراقبة ومحاسبة من الأجهزة الأمنية، أو أن الحبس الاحتياطي غير كافٍ فيجب تمديده من خلال مرسوم ضرورة. فإذا كان تمديد هذا الحبس ضرورة في ظل الظروف الأمنية الصعبة، ومتطلبات حماية الوطن من الإرهاب، فإن هذه الضرورة بالإمكان أن تعالج بوسائل أخرى وأدوات تحتاج إلى شيء من الدراسة والتروي، وقد يكون مفيداً لو تمت دراسته من قبل المجلس النيابي وبالتنسيق مع الحكومة لإيجاد مخرج أفضل من مجرد مرسوم يهدف الى تمديد الحبس. نتمنى ألا تعالج مشكلة كهذه بخلق مشكلة أو مشكلات أخرى، فتمديد مدة الحبس الاحتياطي قد يؤدي إلى استغلال البعض للمشكلة باستهداف ضرب الحريات في البلاد، والإساءة للناس المشتبه فيهم، وتعكير سمعة الدولة في الداخل والخارج من خلال سلوكيات قد لا تهدف العمل بالقانون، خصوصاً وأن صورة الكويت في الخارج تعبر عن كونها نموذجاً للحريات ومركزاً إنسانياً بشهادة الأمم المتحدة.... من جريدة الرأي الكويتية

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه