الرؤية الأميركية حيال سوريا من حيث القراءة هي أقرب ما تكون لمثلنا الشعبي الخليجي الدارج "إلي يستحي من بنت عمه ما يجيب منها عيال" ، فسياسات الإدارة الأميركية هي أقرب للابتزاز السياسي الذي لا رجاء منه في إنجاب حلولاً تخدم مصالحها و حلفائها العرب . و ما توقيت طرح الرئيس التركي اردوغان لمشروع ( المنطقة الآمنة ) في شمال سوريا ، بعمق 53 ميلًا و بعرض 90، إلا لإدراكه لواقع جيوسياسي يرسم حاليًا بعد الاتفاق النووي الايراني، ثانيا لإدراكه هو شخصيًا انهيار مشروع دولة الخلافة في شمال أفريقيا بعد الشرق الأوسط ، و لتحول مشروع الدولة الكردية الآن لأداة بيد أكثر من طرف إقليمي و دولي . معضلة الرئيس التركي تكمن في وصوله هذة المحطة زمنيًا وهو يفتقر لحلفاءً أصدقاء، و الكثير الكثير من الحلفاء الاقوياء المحتملين بشرط تحصلهم على مطالبهم العاجلة لا الآجلة ، تلك المطالَب ذات التأثير المباشر على مفهوم " الأمن القومي التركي المباشر" وصولاً للاهداف التركية في آسيا الوسطى . لذلك اضطر الرئيس اردوغان للعب ورقة الناتو و داعش بشكلاً تكتيكي لتسجيل حضوراً إقليمي عاجل ، هذا أولًا ، و لإتمام عملية ترميم سياسي عاجلة ذات أبعاداً داخلية و إقليمية . بالطبع يبدو ذلك جلياً من استهداف تركيا لحزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، بهدف الضغط على البرزاني، و إيصال رسالة واضحة للداخل التركي و الإقليمي، بإنه لا مناص من مرور الحل الكردي بانقرة أولا قبل واشنطن، كذلك لإثبات أن أوباما لا يمثل حليفاً أو ضامن للدولة المُحتملة من وجهة نظر تركيا اردوغان . اما اجتزاء اردوغان لأراضي سورية تحت ذريعة توطين اللاجئين السورين (تحت الوصاية التركية ) فهي بقصد حجز مقعداً لها على طاولة عشاء سوريا الأخير الجاري التحضير له في الدوحة ، و المراد له ان ينتهي في جنيف قبيل نوفمبر المقبل حيث ستتغير قواعد لعبة أميركيا . هنا يستطيع من يريد إنكار عدم وجود مذكرة تفاهمات ملحقة بالاتفاق النووي الايراني بين ( الولايات المتحدة ، روسيا و الصين ) فعل ذلك ، لكن وجود روسيا والولايات المتحدة في الدوحة لا يحتمل أكثر من قراءة، التحضير لطَي الملفات العربية تباعًا، حتى بافتراض وجود طلباً من طرف خليجي بتغير مكان الاجتماع، فما اختيار الدوحة تحديداً إلا للاستفادة من ترأس قطر للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، مما أعاق ذلك الطلب المفترض. ثانيًا لرفع الحرج عن عاصمة خليجية آخرى اضطلعت بلعب دورا محوري في المحادثات النووية في جزئياتها الثنائية السرية بين ( الولايات المتحدة & إيران ) . اما اخيرا ، فهو الاستفادة المثلى من اعادة فرض قطر في ملفات متفقا عليها مسبقا من حيث تقاطع المصالح الامريكية الروسية في كلاً من سوريا و ليبيا ، بالاضافة لتحقيق الاستفادة المثلى من الضغط على المملكة العربية السعودية في ملفي اليمن و سوريا ، و الضغط على تركيا بإعطاء قطر دورا مباشر اكبر منها في الملفات العربية على عكس ما تشتهي تركيا. الجولات المكوكية لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير تتناسب و رؤية " الفعل لا رد الفعل " لخادم الحرمين الشريفيين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، مع تمنياتنا بعودة توظيف الدبلوماسية خارج الغرف المغلقة التي اثبتت فعاليتها الفائقة سابقاً و في اكثر من ملفً عربي . فالبرغماتية السعودية نجحت في فرض صياغات عربية في اكثر من ملف ذا حساسية فائقة في منظومة الأمن القومي العربي لا الخليجي فقط بمشاركة الامارات العربية و اخرين، و ما الاعلان عن زيارة الملك سلمان لموسكو في سبتمبر القادم، ألا دليلاً على تلك البرغماتية السعودية القادرة و الفاعلة . فأن كان خلط الأوراق " اقليميا " هو ما سوف يعتمد اسلوبا لضمان انجاز الاتفاق النووي النهائي بين الولايات المتحدة و ايران حسب " التفاهمات الخاصة بينهما " ، الا ان ذلك ليس اقتداراً يخص أطرافاً بذاتها دون اخرى . و ما توقيت الاعلان عن زيارة الملك سلمان لموسكو في هذا التوقيت الا احدها ، و نشر 3000 آلاف جندي في عدن مساء الثاني من اغسطس الا الجزء الاخر من تلك الرسالة . حجم ما سوف تفرضة تلكم الرسالتان من بمتغيرات ستفرض واقعها على مسارات عده ، و ربما قد تحتم على اوباما و اردوغان اعادة بعض حساباتهما ، بلإضافة لاطرافاً إقليمية و عربية . آخر السطر : هل سيصمد حلف "بيارة الرمان" الاميركية التركية بعد تصنيف الاولى " تنظيم النصرة " كتنظيمًا ارهابي !! لنترك ذلك للزمن القريب ، أو أن ذلك القرار هو قراراً أميركيا بحت .